جاري تحميل ... مدونة سعود قبيلات

إعلان الرئيسية

«إنَّ بعض الأماكن الضَّيِّقة المحكمة الإغلاق قد يكون فضاؤه بلا حدود، وبعض الأماكن المفتوحة والفسيحة قد يكون بالغ الضِّيق وبلا فضاء ولا آفاق، وبعض الأماكن الخالية قد يكون أكثر ازدحاماً من الأماكن المكتظَّة. وإنَّ الصَّمت قد يكون أكثر صخباً من الضَّجيج، والضَّجيج قد يكون خالياً من الأصوات. وإنَّ القامة قد تكون متطاولة إلى حدّ أنَّها بالكاد تبلغ نعل حذاء، وقد تكون عالية إلى حدّ أنَّها تطاول رؤوس السنابل». مِنْ كتابي الموسوم «كهفي» - سعود قبيلات.

إعلان في أعلي التدوينة

سعود قبيلات ▣
البحث عن بديل للرئيس الأسد
كتب زهير أندراوس، مراسل جريدة «القدس العربيّ» في الناصرة المحتلَّة، في تاريخ 4/10/2005، تقريراً صحفيّاً للجريدة، جاء فيه: «قالت مصادر سياسيَّة إسرائيليَّة رفيعة المستوى في تل أبيب أمس الاثنين إنَّ الحكومة الإسرائيليَّة والإدارة الأميركيَّة تُجريان منذ مدّة مباحثات مكثَّفة للتشاور في قضيَّة التعامل مع الملفّ السوريّ». 

ويتابع التقرير قائلاً: «ونقل المراسل السياسيّ لصحيفة "هآرتس" الإسرائيليَّة "الوف بن"، عن مصادر سياسيَّة إسرائيليَّة وأميركيَّة متطابقة قولها إنَّ الطرفين يبحثان عن شخصيَّة سوريَّة تكون مؤهَّلة لإدارة دفَّة الحكم في دمشق بعد عزل الرئيس الأسد مِنْ منصبه». 

ويقول التقرير أيضاً: «وتابع المراسل الإسرائيليّ قائلاً إنَّ الأميركيين اهتمّوا كثيراً في التقديرات الإسرائيليَّة، وسألوا خلال المحادثات بين الطرفين عن الشخصيَّة السوريَّة الملائمة لوراثة الأسد». 

كانت الولايات المتَّحدة تنتظر – آنذاك – حسب التقرير – «نتائج التحقيق الدوليّ الذي يقوم به القاضي "ديتليف ميليس"». ويضيف التقرير قائلاً: «وحسب الصحيفة الإسرائيليَّة فإنَّ المعلومات التي توفَّرت لدى الأجهزة الأمنيَّة الإسرائيليَّة والأميركيَّة تؤكّد بشكلٍ قاطع أنَّ "التقرير الذي سيرفعه القاضي الألمانيّ (ميليس) إلى الأمم المتّحدة (بشأن قضيَّة اغتيال رئيس الوزراء اللبنانيّ الأسبق رفيق الحريريّ) سيدين بصورة واضحة العديد مِنْ رموز النظام (السوريّ)"». 

ويوضِّح التقرير أنَّه بعد هذه الإدانة التي يتوقّعها الأميركيّون و«الإسرائيليون»: «سيكون سهلاً على الإدارة الأميركيّة المطالَبة أيضاً بتسليم المتورّطين السوريين في عمليَّة الاغتيال إلى العدالة الدوليَّة». 

وجاء في التقرير نفسه أيضاً: «في سياق ذي صلة قال رئيس الوزراء الإسرائيليّ أرييل شارون في مقابلة لصحيفة "هآرتس" الاثنين إنَّ قضيَّة الحدود الشماليَّة للدولة العبريّة تهمّه كثيراً، وإنَّه على جميع الأطراف تطبيق قرار مجلس الأمن الدوليّ 1559 القاضي بالانسحاب السوريّ الكامل مِنْ لبنان، زاعماً أنَّ سورية ما زالت تتدخَّل في الشؤون اللبنانيَّة عن طريق حزب الله، إضافة إلى ذلك أكَّد شارون في حديثه للصحيفة الإسرائيليَّة بأنَّ الدولة اللبنانيَّة ملزمة حسب قرارات الشرعيَّة الدوليَّة بنزع أسلحة منظَّمة حزب الله». 

ويختم التقرير بإلقاء المزيد من الضوء على تصريحات «شارون» تلك، فيقول: «وفي معرض ردّه على سؤال للصحيفة فيما إذا سيكون على استعداد للتفاوض على هضبة الجولان العربيَّة السوريَّة المحتلّة في حالة تغيير الرئيس السوريّ. قال شارون إنَّ موقفي مِنْ هذه القضيَّة قد حُسِمَ وإنَّ الهضبة ستبقى تحت السيطرة الإسرائيليَّة إلى أبد الآبدين، على حدّ تعبيره». 

وكما هو معروف، لم ينجح هذا السيناريو الهادف للإطاحة بنظام الرئيس بشّار الأسد واستتباع سورية، في تحقيق أهدافه؛ إذ سرعان ما انفضح فساد* «ميليس» وتسييسه المكشوف للقضيَّة؛ فتمّ تغييره. وحتَّى الآن لم تنته تلك القضيّة إلى أيِّ نتيجةٍ حاسمة. 

وبعدئذٍ، تمّ اللجوء إلى سيناريو الحرب المباشرة، في تمّوز 2006، مِنْ أجل الإطاحة بحزب الله وبسورية معاً. لكنّ صمود حزب الله الباسل في وجه العدوان، ومساندة سورية الحازمة لحزب الله والشعب اللبنانيّ، وبذلها كلَّ جهدٍ ممكنٍ لتعزيز أسباب الصمود في وجه ذلك العدوان، أديا إلى عكس النتائج التي أرادتها «إسرائيل» وأميركا وحلفائهما وأتباعهما؛ حيث دخلت «إسرائيل»، منذ ذاك، أزمةً وجوديَّة مستعصية، تمثَّلت بتراجعٍ خطير في قدرتها على الردع أو القيام بدورها الأساسيّ (الذي أُنشئت مِنْ أجله) كشرطيّ متقدّم للإمبرياليَّة. 

بعد ذلك، جرَّبوا سيناريو الاحتواء؛ فتقرَّبت فرنسا جاك شيراك، فجأة، مِنْ سوريَّة، وتقرَّبت قطر وتركيا كذلك مِنْ سورية وحزب الله. وتمّ ضرب الاقتصاد السوريّ بالتسهيلات التي قُدِّمتْ للأتراك على حسابه. لكنّ هذا السيناريو لم ينجح أيضاً. 

فهل نحن بحاجة، الآن، لاستخدام لغة «الألف باء»، أو «الضرب بالودع»، لنعرف أنَّ ما تشهده سورية منذ خمس سنوات هو السيناريو الأخير والأخطر مِنْ السيناريوهات الهادفة إلى الإطاحة بها واستتباعها؟ 

وقبل ذلك كلّه، يجب أنْ لا ننسى الإملاءات الشهيرة، التي حملها إلى دمشق وزير الخارجيَّة الأميركيّ الأسبق كولن بأول بُعيد احتلال الأميركيين والبريطانيين للعراق في العام 2003، والتي رفضها الرئيس الأسد، وقال، بعدها، في خطابٍ معلن، إنَّ ما حدث في العراق هو احتلال وإنَّ تصدّي الشعب العراقيّ له هو مقاومة. فكان بذلك، هو الحاكم العربيّ الوحيد الذي جرؤ على استخدام هذه المسمّيات الصحيحة لما حدث في العراق. وبالتالي، فقد كان عليه، وعلى بلاده، أنْ يدفعا الثمن. 
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ 
في مقالٍ للكاتب الصحفيّ البحريني محمد عبد الله محمد، نُشِرَ بتاريخ 2 تشرين الثاني/نوفمبر 2005، في صحيفة الوسط اليوميّة البحرينيَّة، جاء ما يلي: 

«ميليس يواجه انتقادات قانونية واسعة من أطراف مختلفة. فقد وردت إلى الأمين العام للأمم المتحدة كوفي عنان 154 رؤية قانونية تمت الإشارة فيها على أن تقرير القاضي الألماني يحوي مغالطات فاضحة، وهي الانتقادات ذاتها التي واجهها ميليس عندما كلفه سابقا القضاء الألماني والقضاء الفرنسي لمتابعة قضايا تتعلق بالإرهاب. لم تستطع لجنة التحقيق الدولية أن تتخلص من أجواء التسييس المسكونة بها، ومن حجم التدويل الذي واكب حادث اغتيال رفيق الحريري، فحاولت جاهدة تطويع الحوادث والوقائع لتصوغ منها توليفة قانونية تتلاءم ورغبات الدول الكبرى في حربها ضد سورية وضد أطراف مختلفة في المنطقة». 

وكانت صحيفة «يونغة فيلت» الألمانية قد اتهمت «ميليس»، بعد يوم واحد من تكليفه بالتحقيق في قضية مقتل الحريريّ، بأنَّه معروف باتباع أساليب ملتوية في التحقيق في قضايا أخرى سبق له أنْ حقَّق فيها. وأضافت الصحيفة، قائلةً: «على أي حال يبدو أنَّ الأمم المتحدة اليوم تعول على "ديتليف ميليس" الكثير في قيادته للتحقيق، وإن أدت الأمور إلى توجيه أصابع الاتهام إلى الأجهزة السورية من قبل العديد من الأوساط اللبنانية، يبدو أن ميليس سيكون الرجل الفصل في هذا الموضوع».
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

إعلان أسفل المقال