جاري تحميل ... مدونة سعود قبيلات

إعلان الرئيسية

«إنَّ بعض الأماكن الضَّيِّقة المحكمة الإغلاق قد يكون فضاؤه بلا حدود، وبعض الأماكن المفتوحة والفسيحة قد يكون بالغ الضِّيق وبلا فضاء ولا آفاق، وبعض الأماكن الخالية قد يكون أكثر ازدحاماً من الأماكن المكتظَّة. وإنَّ الصَّمت قد يكون أكثر صخباً من الضَّجيج، والضَّجيج قد يكون خالياً من الأصوات. وإنَّ القامة قد تكون متطاولة إلى حدّ أنَّها بالكاد تبلغ نعل حذاء، وقد تكون عالية إلى حدّ أنَّها تطاول رؤوس السنابل». مِنْ كتابي الموسوم «كهفي» - سعود قبيلات.

إعلان في أعلي التدوينة

«المُدوَّنَة» -

 قال تشاك هيغل، وزير الدفاع الأميركيّ، إنَّه يرى ضرورة أنْ تستعدّ القوّات المسلَّحة الأميركيَّة لمواجهةٍ مع «جيشٍ روسيٍّ جاهزٍ للقتال».
وأوضح هيغل، مخاطباً عسكريي الولايات المتّحدة في واشنطن، في 15 تشرين الأول/أكتوبر: «ستزداد المتطلَّبات التي يجب أنْ يلبِّيها الجيش (الأميركيّ) تعقيداً وتنوّعاً. وسوف يظلّ الخطر الذي يشكِّله الإرهابيون والمتمرّدون قائماً لوقتٍ طويل. لكن سنضطرّ أيضاً إلى مواجهة روسيا التحريفيَّة التي أصبحتْ على مشارف حلف شمال الأطلسيّ، وجيشها الحديث الجاهز للقتال».

وكان الرئيس الأميركيّ باراك أوباما قد وضع «العدوان الروسيّ في أوروبا» في قائمة الأخطار الرئيسة الثلاثة على العالم، إلى جانب فيروس «إيبولا» و«داعش».

ومن الواضح أنَّه يلمِّح بذلك إلى واقعة إعادة الهويَّة الروسيَّة في الربيع الماضي إلى منطقة القرم، بعد استفتاء أجراه أهالي تلك المنطقة (ومعظمهم روس) وقرَّروا بموجبه، وبأغلبيَّة ساحقة، الانضمام إلى روسيا. وتجدر الإشارة، هنا، إلى أنَّ منطقة القرم تضمّ أصلاً القاعدة العسكريَّة الروسيَّة الرئيسة في منطقة البحر الأسود.. منذ قرون. وقد أُتبعتْ لأوكرانيا في عهد الرئيس السوفييتيّ نيكيتا خروتشوف (وهو مِنْ أصل أوكرانيّ) عام 1954.

وفي نظر مراقبين روس، كما يقول موقع «صوت روسيا» فإنَّ عودة القرم إلى روسيا قد باغتت الإدارة الأميركيَّة التي كانت تخطّط، كما يبدو، لتحويل تلك القاعدة إلى ملكيّة لحلف شمال الأطلسيّ، وممّا يؤكِّد ذلك، هو الانقلاب الذي شجَّعته الإدارة الأميركيَّة وعواصم الأطلسيّ، والذي أطاح بالحكومة المنتخبة في أوكرانيا.

روسيا تنقّح «فلسفة الحرب»
وفي المقابل، أعلن ميخائيل بوبوف، نائب أمين مجلس الأمن الروسيّ، أنَّه إزاء زحف حلف شمال الأطلسيّ نحو الشرق الأوروبيّ، وتفجّر الأوضاع في أوكرانيا، لا ترى روسيا مفراً من تنقيح «فلسفة الحرب»؛ أي وثيقة مبادئ العمل العسكريّ التي تطبّقها روسيا دفاعاً عن النفس من المخاطر المحدقة بها.

وقال ميخائيل بوبوف، في تصريح لوكالة أنباء نوفوستي الروسيَّة، إنَّ توسّع الناتو وتطوّرات الوضع في أوكرانيا تضطرّ روسيا لأنْ تدقّق في مبادئ العمل العسكريّ قبل نهاية عام 2014، معبّراً عن اعتقاده بأنَّ مواجهةَ تقرّب الناتو مِنْ «حدود بلادنا» ستبقى على رأس أولويَّات الدولة الروسيَّة في المجال العسكريّ.

ويرى الروس إنَّ تفجّر الوضع في أوكرانيا وفق «سياسة الثورات الملونة» يشكِّل خطراً آخر على بلادهم.

وقد تفجَّر الوضع في أوكرانيا بعدما استولى متطرّفون موالون للغرب (خصوصاً مِنْ جماعة «القطاع الأيمن» الفاشيَّة) على السلطة في عاصمتها كييف في نهاية شباط/فبراير الماضي.

وأكَّد نائب أمين مجلس الأمن الروسيّ، في إشارة منه إلى أحاديثٍ انطلقت في كييف حول التفكير في «تحرير القرم من الاحتلال»، على أنَّ أيّ عدوان على القرم سيعتبر عدواناً على روسيا.

أمَّا سيرغي لافروف، وزير خارجيَّة روسيا، فقال في تصريحاتٍ أدلى بها مؤخّراً لمجلَّة «م غي مو  جورنال» MGIMO Journal)) «إنَّ الأزمة الأوكرانيَّة هزَّت العالم قاطبة، وإنَّ العالم ما زال وسيظلّ يعاني مِنْ عواقب تلك الهزة». ولكنَّه أضاف قائلاً، في لهجةٍ تصالحيَّة، إنَّ روسيا: «تبقى جزءاً لا يتجزأ من الثقافة والسياسة الأوروبيَّة، خلال الأعوام الثلاثمائة الماضية على أقلّ تقدير»، ولكن (وهنا يبدو الشعور بالمرارة في أوجه): «ما زالت أوروبا الغربيّة، مع ذلك، تعبّر عن نظرة سلبيَّة إزاء روسيا».

بيد أنَّ التفكير في احتمال تطوّر الصراع بين روسيا وبين الولايات المتّحدة (والغرب الأطلسيّ، عموماً) إلى مستوى الحرب المباشرة والشاملة (الساخنة)، إنَّما هو أمر يفوق الخيال ويتجاوز كلَّ حدود التصوّر؛ فالحرب في مثل هذه الحالة ستكون ضرباً من الجنون المطبق والانتحار، نظراً لما يمتلكه الطرفان مِنْ قوى عسكريَّة عظيمة ذات إمكانات تدميريَّة هائلة. وبالتالي، فإنَّ كلّ ما يدور بين الطرفين الآن مِنْ مظاهر التصعيد المتبادل، يظلّ، في المدى المنظور على الأقلّ، ضمن سياسات عضّ الأصابع ومحاولات تعديل موازين القوى.

ومع ذلك، لا يمكن استبعاد احتمال حدوث الأسوأ؛ فلا أحد يضمن أنْ لا تنزلق الأحداث فجأة عن حافَّة الهاوية، وتخرج عن الضوابط المتعارف عليها والحسابات المسؤولة والعاقلة؛ خصوصاً في ظلّ إدراك عواصم المتروبول التقليديَّة بأنَّها مأزومة أزمةً لا فكاك لها منها وبأنَّها تخسر بانتظام ومكانتها تتراجع باضطراد. يبدو هذا واضحاً في بعض جوانب تصريحات سيرغي لافروف، التي سبق أنْ أشرنا إليها؛ حيث قال إنَّه يصعب عليه أنْ يتكهَّن بسير الأمور في العالم، وإنَّه «واثق مِنْ أنَّ المستقبل سيجلب مفاجآتٍ كثيرة».

وفي هذا السياق، ذاته، ذكَّر لافروف أوروبّا بأنَّها «لا تنعم بالاستقرار والهدوء، إلا عندما تنشط روسيا في إدارة شؤونها».
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

إعلان أسفل المقال