جاري تحميل ... مدونة سعود قبيلات

إعلان الرئيسية

«إنَّ بعض الأماكن الضَّيِّقة المحكمة الإغلاق قد يكون فضاؤه بلا حدود، وبعض الأماكن المفتوحة والفسيحة قد يكون بالغ الضِّيق وبلا فضاء ولا آفاق، وبعض الأماكن الخالية قد يكون أكثر ازدحاماً من الأماكن المكتظَّة. وإنَّ الصَّمت قد يكون أكثر صخباً من الضَّجيج، والضَّجيج قد يكون خالياً من الأصوات. وإنَّ القامة قد تكون متطاولة إلى حدّ أنَّها بالكاد تبلغ نعل حذاء، وقد تكون عالية إلى حدّ أنَّها تطاول رؤوس السنابل». مِنْ كتابي الموسوم «كهفي» - سعود قبيلات.

إعلان في أعلي التدوينة

سعود قبيلات ▣


"آسفين يا ريِّس" هي جماعة مصريَّة تشكَّلتْ للمطالبة بعودة حسني مبارك بعد الإطاحة به على يد انتفاضة 25 كانون الثاني (يناير). أمّا مرسي، فلا يحتاج لتشكيل مثل هذه الجماعة؛ إذ أنَّها موجودة بالفعل، مِنْ خلال عناصر "الإخوان المسلمين" وأنصارهم، الذين يملأون الدنيا صياحاً، الآن، للتعبير عن أسفهم لرحيل الرئيس "الإخوانيّ". وما دام الأمر كذلك، فمطلوب مِنْ أنصار مرسي أنْ يقولوا لنا ما الذي اختلف به عهده، جوهريّاً، عن عهد مبارك.


·    مبارك أبقى على اتّفاقيَّات كامب ديفيد، وواصل العلاقة مع "إسرائيل"؛ ومرسي فعل الأمر نفسه، وزاد عليه بأنْ بالغ بالودّ تجاه حُكّام "إسرائيل".. كما هو الحال في رسالته الشهيرة لصديقه العزيز بيريز.

·   مبارك لم ينصر أهل غزَّة عندما اعتدت "إسرائيل" عليهم عام 2008، واكتفى بدور الوسيط بينهم وبينها؛ وهذا ما فعله مرسي مع العدوان "الإسرائيليّ" الأخير على غزَّة.

·    مبارك أغلق معبر رفح وردم الأنفاق الواصلة بين قطاع غزَّة وبين مصر؛ ومرسي فعل ذلك وزاد عليه بأنْ غمر الأنفاق بالمياه العادمة.

·  مبارك واصل سياسات الليبراليَّة المتوحِّشة التي ورثها عن السادات، ومرسي اتّبع السياسات نفسها.

·   في عهديْ السادات ومبارك كان ثمَّة "قطط سمان" استولت على ثروات الشعب المصريّ وموارد بلاده واستغلَّت كادحيه وفقراءه؛ حيث اُشتُهِرَ عثمان أحمد عثمان كرمز لتلك "القطط" في عهد السادات، في حين اُشتُهِرَ أحمد عزّ وجمال مبارك كرمزين بارزين لها في عهد مبارك. ولم يختلف الأمر في عهد مرسي؛ حيث اُشتُهر الملياردير خيرت الشاطر كرمز لقوى النهب والاستغلال، هذه.

·  مبارك كان يخضع لإملاءات صندوق النقد الدوليّ، واستدان منه، خلال سنوات حكمه الثلاثين، ثلاثين مليار دولار. ومرسي فعل الشيء نفسه، وخلال سنة واحدة، استدان من الصندوق أحد عشر ملياراً.

·   مبارك استفرد بالسلطة، هو وحزبه؛ ومرسي، أيضاً، استفرد بالسلطة، هو وحزبه، ووضع خطّة طريق واضحة للسيطرة على جميع مفاصل السلطة والمجتمع في مصر، وهو ما سُمِّي بأخونة الدولة. وزاد على ذلك بأنْ حارب القضاء، ورفض تنفيذ قراراته،  كما أنَّه ترك جموع "الإخوان" وأنصارهم يحاصرون المحكمة الدستوريَّة العليا ويمنعونها من الانعقاد كي لا تتَّخذ أيّ قرار بشأن "الإعلان الدستوريّ" الذي فرضه، هو، على المصريين وبنى عليه كلّ بنيانه السياسيّ المختلّ، ثمّ أقال المدّعي العامّ ونصَّب مدعيّاً عامّاً موالياً له ولحزبه كان يتجاهل كلّ ما لا يخدمه من القضايا ويتابع بحماس مثير للسخرية كلّ ما هو منها في صالحه. في حين تجدر الإشارة، هنا، إلى أنَّ حسني مبارك، نفسه، رغم كلّ مساوئه، احترم قرارات القضاء، في الكثير من الأحيان ونفَّذها.. حتَّى عندما كانت في غير صالحه؛ ومثال ذلك، أنَّه حلّ مجلس النوّاب عام 1984، بعدما اتَّخذ القضاء قراراً بعدم صحَّة انتخابه بناءً على طعن المعارضة، ومنها "الإخوان المسلمون".

·   مبارك احتفظ بالنظام التبعيّ الذي أرسى السادات دعائمه، وإنْ غيَّر في وجوه القائمين على إدارته والمستفيدين مِنْ منافعه. ومرسي حافظ على هذا النظام نفسه، كما ورثه من مبارك؛ لكن، أيضاً، مع تغيير وجوه القائمين على إدارته.

·  مبارك اندرج في خطط وترتيبات الإمبرياليَّة الأميركيَّة في المنطقة والعالم، ومرسي فعل الأمر نفسه.

هل نستمر في التعداد؟ أنا متأكِّد مِنْ أنَّ كثيرين يمكن أنْ يضيفوا الكثير من النقاط الجوهريَّة في هذا المجال. وإذاً، أليس مِنْ حقّ الشعب المصريّ، الذي أسقط مبارك، أنْ يُسقط مرسي بالطريقة نفسها؛ بل بحشودٍ أكبر بكثير مِنْ تلك التي أسقطت مبارك؟

أمَّا في ما يتعلَّق بادِّعاء "الإخوان" التمسّك بالشرعيَّة، فيكفي أنْ نذكِّر بمساندتهم القويَّة للانقلاب على حكومة سليمان النابلسيّ المنتخبة عام ١٩٥٧، وانقلابهم على حكومة الصادق المهديّ المنتخبة في أواخر ثمانينيّات القرن الماضي، وقبلها، تحالفهم مع جعفر النميريّ الذي تمَّ تحت ستاره تهريب يهود الفلاشا إلى "إسرائيل".. الخ.
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

إعلان أسفل المقال