جاري تحميل ... مدونة سعود قبيلات

إعلان الرئيسية

«إنَّ بعض الأماكن الضَّيِّقة المحكمة الإغلاق قد يكون فضاؤه بلا حدود، وبعض الأماكن المفتوحة والفسيحة قد يكون بالغ الضِّيق وبلا فضاء ولا آفاق، وبعض الأماكن الخالية قد يكون أكثر ازدحاماً من الأماكن المكتظَّة. وإنَّ الصَّمت قد يكون أكثر صخباً من الضَّجيج، والضَّجيج قد يكون خالياً من الأصوات. وإنَّ القامة قد تكون متطاولة إلى حدّ أنَّها بالكاد تبلغ نعل حذاء، وقد تكون عالية إلى حدّ أنَّها تطاول رؤوس السنابل». مِنْ كتابي الموسوم «كهفي» - سعود قبيلات.

إعلان في أعلي التدوينة

سعود قبيلات 
مشكلة خطيرة يعاني منها الشعب المصريّ
يواجه الشعب المصريّ الشقيق مشكلة كبيرة وخطيرة لم يحسب لها حساباً عندما خرج إلى الشوارع والميادين بعشرات الملايين ليُسقِط حُكم "الإخوان المسلمين"؛ وهي كيف يقنع بعض المواقع الإلكترونيَّة الأردنيَّة والعديد مِنْ مستخدمي موقع التواصل الاجتماعيّ (فيسبوك) الأردنيين (خصوصاً مِنْ جماعة "أنا مش أخّ مسلم.. ولكن")، بأنَّه خرج فعلاً إلى الشوارع بهذه الأعداد الضخمة غير المسبوقة ولن يسمح بإعادة الوضع إلى ما كان عليه بأيّ حال من الأحوال.


لذلك، سأحاول، تالياً، أنْ أتطوّع بتبسيط المسألة، بالنيابة عن الشعب المصريّ الشقيق - لعلَّني أُساهم في إنقاذه مِنْ ورطته العويصة، هذه - مستعيناً بالأرقام المحايدة والوقائع المثبتة:


1    لم يفز محمَّد مرسي بأغلبيَّة الأصوات في الدورة الأولى؛ بل في الدورة الثانية وبفارق بسيط. ولم يكن ليفوز لولا دعم معظم أطراف المعارضة والمستقلّين له.. ليس حبّاً به؛ بل نكايةً بمنافسه أحمد شفيق؛ حيث أنَّه حصل في الدورة الانتخابيَّة الأولى على 5,764,952 صوتاً؛ أي ما نسبته %24,78؛ في حين حصل المرشّحون الأربعة الآخرون الرئيسون على النتائج التالية: أحمد شفيق: 5,505,327 صوتاً؛ أي ما نسبته %23,66؛ وحمدين صباحي: 4,820,273 صوتاً؛ أي ما نسبته %20,72؛ وعبد المنعم أبو الفتوح: 4,065,239 صوتاً؛ أي ما نسبته %17,47؛ وعمرو موسى: 2,588,850 صوتاً؛ أي ما نسبته %11,13. ومع حساب نتائج المرشَّحين الآخرين التي تقلّ نسبتها مجتمعة عن %3، تكون نسبة المواطنين المصريين الذين اختاروا، في الدورة الأولى، أنْ يصوِّتوا لصالح المرشَّحين المنافسين لمرشَّح "الإخوان" (محمَّد مرسي) هي %75,22. 

وحيث أنَّ أحداً من المتنافسين لم يحصل على الأغلبيَّة المطلقة في الدورة الأولى، أصبح من الواجب دستوريّاً إجراء دورة انتخابيَّة ثانية؛ وعندئذٍ، قرَّر عددٌ من المرشَّحين الذي نافسوا مرسي في الدورة الأولى، وعددٌ من التيَّارات السياسيَّة والاجتماعيَّة - علناً، أنْ يجيِّروا أصوات مناصريهم لمرسي، خوفاً مِنْ فوز شفيق. وقد التقوا بمرسي، قبيل الانتخابات، واشترطوا عليه أنْ يلتزم بالعمل وفق شعارات انتفاضة 25 كانون الثاني (يناير)، ولا سيَّما شعارها الرئيس: "عيش (خبز) حريَّة، عدالة اجتماعيَّة"، وأنْ لا يحتكر السلطة، هو وجماعته، بل يتعاون مع الجميع، ويرسي، بالتفاهم معهم، دعائم النظام الديمقراطيّ المنشود. وهكذا، حصل مرسي، في الدورة الثانية على 13,230,131 صوتاً؛ أي ما نسبته %51,73 مِنْ مجموع أصوات المشاركين بالتصويت (أكثر مِنْ ضعفي الأصوات التي حصل  عليها في الدورة الأولى)؛ في حين حصل أحمد شفيق على 12,347,380 صوتاً؛ أي %48,27. 

لكنَّ مرسي وجماعته لم يفوا بأيّ وعدٍ من الوعود التي قطعوها على أنفسهم؛ فانقلبوا على جميع حلفائهم السابقين، وانفردوا بالسلطة وبلجنة صياغة الدستور، وفصَّلوا الدستور على مقاسهم، وشرعوا بالسيطرة على جميع مفاصل الدولة في إطار ما سُمِّي سياسة "أخونة الدولة"؛ وبالمقابل، أبقوا على سياسات نظام مبارك كلّها كما هي: الليبراليَّة المتوحِّشة، والاقتراض من البنك الدوليّ والخضوع لإملاءاته، والتبعيَّة للمراكز الرأسماليَّة الدوليَّة، والإندراج في السياسات العدوانيَّة للإمبرياليَّة الأميركيَّة في المنطقة والعالم، واتِّخاذ دور الوسيط بين الفلسطينيين وبين "إسرائيل".. كما هو الحال في العدوان الأخير على غزَّة، وهدم الأنفاق وإغراقها بالمياه العادمة؛ كما أنَّهم تدخَّلوا بشكلٍ فظّ وغير مسبوق في القضاء، وشنّوا حرباً شعواء على الإعلام المعارض أو المستقلّ.. وبلغ بهم ذلك حدّ إرسال أنصارهم وأنصار السلفيين لمحاصرة المدينة الإعلاميَّة، كما أنَّهم قيَّدوا حريَّة الفنَّانين وكفَّروهم، وتجاوزوا على المثقَّفين والكتّاب.. فجاؤوا لهم بوزير معادٍ للثقافة والفنون، وأشاعوا مناخاتٍ طائفيَّة ومذهبيَّة بغيضة ضدّ المسيحيين والشيعة المصريين، وحاولوا السيطرة على الأزهر وإخضاعه لجماعتهم ومذهبهم. 

وقد فعلوا ذلك كلّه في سياق سعيهم لتغيير هويَّة مصر المتحضِّرة والمنفتحة، وطمس معالم ثقافتها الراقية لتصبح مهيَّأة لقبول الوهَّابيَّة الصحراويَّة. وبدلاً مِنْ بناء الديمقراطيَّة التي كان الشعب المصريّ يحلم بها وانتفض مِنْ أجلها، راحوا يبنون، بصورة واضحة ومنهجيَّة، دولة ثيوقراطيَّة مستبدَّة.. الخ.


2    وهذا، قاد إلى حشد جميع فئات الشعب المصريّ ضدّهم، واستعدائها عليهم؛ فإذا بهم، في النهاية، مجرَّد طائفة دينيَّة غريبة تقف، وحدها، في جهة، بينما يقف، في الجهة المقابلة، كلٌّ من: الجيش، والأمن، والقضاة، والإعلاميّون، والكتّاب، والمثقَّفون، والفنَّانون، والأقباط، والأغلبيَّة الساحقة من المسلمين العاديين الذين لا يؤمنون بالوهَّابيَّة ولا يقرّون مناهجها وتعاليمها، وجميع التيَّارات السياسيَّة والاجتماعيَّة الأخرى. باختصار، جميع جماهير المرشَّحين الآخرين التي بلغتْ نسبتها في الدورة الانتخابيَّة الأولى - كما بيَّنا سابقاً - %75,22 مِنْ عدد المصريين المشاركين في الانتخابات. ومن الواضح أنَّ هذه النسبة أصبحت، بعد تجربة "الإخوان" المريرة في الحكم، أكبر مِنْ ذلك.


هي معادلة بسيطة وواضحة وأرقامها لا تحتمل الجدال أو التشكيك أو التخمين؛ ولكن، رغم ذلك كلّه، فما زال "الإخوان" وأنصارهم وأصدقاؤهم (خصوصاً "جماعة أنا مش إخوانيّ.. ولكن")، يكابرون؛ فينكرون الواقع ويقولون إنَّ الشعب معهم، ويجادلون في نسب وأعداد الناس الذين نزلوا إلى الشارع لإسقاطهم!


"ذنبهم على جنبهم"، كما يقول المثل الشعبيّ؛ فهم، في النهاية، لا يخدعون سوى أنفسهم.
تعليقان (2)
إرسال تعليق

  1. تحليلك انه لم يفز بطلع ايضا كل رؤوساء العالم لم يفوزوا ...التحليل هذا مع الاحترام لك لا ينفع في ديمقراطية مدنية

    ردحذف
  2. الى غير نعرف واحد بالله ياخوك تعيد القراءة كمان مرة , لانك ابدا مش مستوعب او انك ما كملت الفقرة الاولى كاملة

    ردحذف

إعلان أسفل المقال