جاري تحميل ... مدونة سعود قبيلات

إعلان الرئيسية

«إنَّ بعض الأماكن الضَّيِّقة المحكمة الإغلاق قد يكون فضاؤه بلا حدود، وبعض الأماكن المفتوحة والفسيحة قد يكون بالغ الضِّيق وبلا فضاء ولا آفاق، وبعض الأماكن الخالية قد يكون أكثر ازدحاماً من الأماكن المكتظَّة. وإنَّ الصَّمت قد يكون أكثر صخباً من الضَّجيج، والضَّجيج قد يكون خالياً من الأصوات. وإنَّ القامة قد تكون متطاولة إلى حدّ أنَّها بالكاد تبلغ نعل حذاء، وقد تكون عالية إلى حدّ أنَّها تطاول رؤوس السنابل». مِنْ كتابي الموسوم «كهفي» - سعود قبيلات.

إعلان في أعلي التدوينة

سعود قبيلات ▣



ثمَّة حركة مشبوهة وخيوطها المحرِّكة واضحة ومحدَّدة، تحاول، بكلّ السبل والأساليب الخبيثة واللف والدوران، أنْ تشوِّه صورة التغيير الكبير الذي أحدثته انتفاضة 30 حزيران (يونيو) في مصر، بالزعم أنَّ ثمَّة حملة منسَّقة في الإعلام المصريّ ضدّ الشعب الفلسطينيّ والشعب السوريّ! إنَّها الأطراف نفسها التي احتشدتْ مع حلف الأطلسيّ والمحميَّات النفطيَّة و"الإخوان المسلمين" ضدّ سوريَّة، وهي، بالأساس، ضدّ انتفاضة الشعب المصريّ الأخيرة، بكلّ الأحوال وكلّ الظروف، ما دامت قد أطاحت بـ"الإخوان" وأصابت المشروع الأميركيّ في المنطقة في مقتل.

كاتب هذه السطور متابع مثابر لحوالي عشرين فضائيَّة مصريَّة، ولم أرَ أو ألمس مثل هذه الحملة التي يتحدَّثون عنها، وحتَّى لو فرضنا أنَّه خرجتْ كلمة غاضبة أو متجاوزة، مِنْ هنا أو هناك، فكم عدد قائليها وكم عدد حالات تكرارها؟ أنا، شخصيّاً، لم أسمع شيئاً مِنْ هذا. وفي كلّ الأحوال، حتَّى إذا حدث تجاوز ما، فإنَّني أتحدَّى أنْ يكون عدد مرتكبيه أكثر مِنْ واحد أو اثنين من الإعلاميين. وبالتالي، فلا يمكن اعتبار ذلك حملةً منسَّقةً تستحقّ الردّ عليها باتِّخاذ المواقف وإصدار البيانات.

نعم، هناك غضب شديد وطاغٍ، لدى الشعب المصريّ كلّه، لكنَّه ليس موجَّهاً ضدّ الشعب الفلسطينيّ، بل ضدّ حماس وتدخّلها الفظّ والخاطئ في الشؤون المصريَّة؛ وهو، أيضاً، ليس ضدّ الشعب السوريّ؛ بل ضدّ المحسوبين على المعارضة السوريَّة من اللاجئين السوريين في مصر.. الذين حشروا أنفسهم في مظاهرات "الإخوان" في مواجهة باقي أطراف وفئات الشعب المصريّ. وبالتالي، فإنَّ مَنْ أساء للشعب الفلسطينيّ وللشعب السوريّ هو حماس والمعارضة السوريَّة "الإخوانيَّة"، وليس الإعلام المصريّ أو التيَّارات السياسيَّة المصريَّة أو سواهم.

من المفهوم، بالطبع، أنَّ يحتشد حلفاء حماس والمعارضة السوريَّة.. ابتداء مِنْ قطر وحتَّى أصغر واحد مِنْ إخوان "الإخوان".. جماعة "أنا مش إخوانيّ.. ولكن"، لنصرة حلفائهم المقرَّبين بطريقة خبيثة وملتوية. والدليل على هذا الخبث وسوء الطويَّة، هو أنَّهم، في إطار هذه الحملة المغرضة ولتبريرها، يتداولون فيديو قديم موجود على اليوتيوب، للإعلاميّ المصريّ عمرو أديب، مِنْ دون الإشارة إلى أنَّه مسجَّل في أيَّام حسني مبارك وليس الآن. لكن المؤسف أنَّ جماعة قطر وحلف الأطلسيّ والرجعيَّة العربيَّة نجحوا، بهذه الطريقة الملتوية، بخداع بعض الأشخاص والجهات حسني النيَّة ليصطفّوا معهم في مسعاهم المشبوه هذا. والأمر الأكثر إثارة للاستغراب والاستفهام هو أنْ تتحمَّس الهيئة الإداريَّة لرابطة الكتّاب الأردنيين فتصدر بيانا متناغماً مع هذه الحملة المشبوهة!

الشعب المصريّ الشقيق قوّة جبَّارة، وهو بيضة القبّان في المنطقة، وعلى دعمه ومساندته نعتمد جميعاً؛ لذلك، خاسر لا محالة وخائب تماماً مَنْ يضع نفسه في مواجهته. والأمر المؤسف، هنا، هو أنَّ أصحاب هذه الحملة المشبوهة استغلّوا اسم الشعب الفلسطينيّ وقضيَّته العادلة متوهِّمين أنَّهم يمكن أنْ يضعوه في مواجهة مفتعلة مع الشعب المصريّ. لكنَّني أعتقد أنَّ هذين الشعبين الشقيقين، كليهما، يمتلكان من الوعي والانتماء الوطنيّ والقوميّ ما يكفي لتمكينهما مِنْ إفشال هذا المسعى اللئيم وإحباطه.

في الواقع، ثمَّة حملة منسَّقة فعلاً ضدّ الشعب الفلسطينيّ وضدّ الشعب السوريّ وضدّ الشعب المصريّ وضدّ سواهم من الشعوب العربيَّة الأخرى؛ لكن مَنْ يشنّها ويساندها هو الحلف الأميركيّ (والأطلسيّ) وأتباعه وأدواته في المنطقة وليس سواهم.
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

إعلان أسفل المقال