جاري تحميل ... مدونة سعود قبيلات

إعلان الرئيسية

«إنَّ بعض الأماكن الضَّيِّقة المحكمة الإغلاق قد يكون فضاؤه بلا حدود، وبعض الأماكن المفتوحة والفسيحة قد يكون بالغ الضِّيق وبلا فضاء ولا آفاق، وبعض الأماكن الخالية قد يكون أكثر ازدحاماً من الأماكن المكتظَّة. وإنَّ الصَّمت قد يكون أكثر صخباً من الضَّجيج، والضَّجيج قد يكون خالياً من الأصوات. وإنَّ القامة قد تكون متطاولة إلى حدّ أنَّها بالكاد تبلغ نعل حذاء، وقد تكون عالية إلى حدّ أنَّها تطاول رؤوس السنابل». مِنْ كتابي الموسوم «كهفي» - سعود قبيلات.

إعلان في أعلي التدوينة

تلقيت الكلمة المنشورة، تالياً، برسالة إلكترونيَّة من الرفاق في الحزب الشيوعيّ اللبنانيّ:

الشيوعيّ اللبنانيّ: الاشتراكيَّة هي البديل.. بانفجارٍ كبير أم بهمسٍ خافت
الرفيق غسَّان ديبة يلقي كلمة الحزب الشيوعيّ اللبنانيّ في هانوي
كلمة الحزب الشيوعي اللبناني في الاجتماع العالمي الثامن عشر للأحزاب الشيوعية والعمالية الذي انعقد في هانوي (فيتنام) بين 28 و30 تشرين الأوَّل/أكتوبر 2016. وقد ألقاها عضو المكتب السياسي الرفيق غسان ديبة. 

حضرة الرئيس
الرفاق الاعزاء،
نحن في الحزب الشيوعي اللبناني نعرب عن امتناننا للحزب الشيوعي الفيتنامي لكرم الضيافة ولجهوده التي لم تعرف الكلل في تنظيم الاجتماع العالمي الثامن عشر للأحزاب الشيوعية والعمالية الذي يأتي في مرحلة حاسمة جداً في تاريخ العالم وتاريخ حركتنا، التي عكسها موضوعا المؤتمر: الأزمة الرأسمالية والهجمة الإمبريالية، اللتان هما مِنْ دون شك مترابطتان ارتباطاً وثيقاً.

أيها الرفاق،
إن أي شخص عاش وناضل في الفترة التي أعقبت نهاية الاشتراكية في الاتحاد السوفياتي وغيره من أنظمة الاشتراكية المحققة، يدرك مدى الصعوبات التي فرضت نفسها على الجبهات النظرية والسياسية؛ وبالنسبة للأحزاب الشيوعية الحاكمة، أيضاً على الجبهة الاقتصادية. وبدت هذه الصعوبات في ذلك الوقت وكأنها امراً لا يمكن التغلب عليه. لكننا اليوم نعيش في عالم مختلف حيث تتفاقم أزمة الرأسمالية بدءاً من العام 2008 وهي الأزمة الاشد منذ الكساد العظيم في العام 1929. وهذه الأزمة أعادت طرح السؤال الذي كان لفترة طويلة طي النسيان «هل هناك مستقبل للرأسمالية؟»

بالنسبة للكثيرين، بدت هذه الأزمة مألوفة ومتوقعة. لكن توقع الأزمات في كل وقت إنَّما هو ليس تنبؤاً على الإطلاق، بل هو شَرَكٌ يقع فيه بعض الماركسيين الذين يرون الأزمة الرأسمالية دائماً واقعة لا محالة. ولكن فقط عبر فهم طبيعة هذه الأزمة، يمكننا أن نستشف الفرص التي توفرها.

إنَّ الأزمة هذه المرة حقيقية.. ليس فقط بوصفها مرحلة من مراحل دورة الأعمال أو مظهراً من مظاهر ميل معدل الربح نحو الانخفاض، ولكن أيضاً في كونها أزمة طويلة الأمد للرأسمالية.

مِنْ سماتها:
أولاً، أنَّها تتجلى في استنفاد «حل الكينزية» إذ أن تزايد الديون العامة وانفلاش ميزانيات البنوك المركزية وبلوغ الفوائد حاجز معدل الصفر تقض مضاجع صناع السياسة في الدول الرأسمالية المتقدمة وتشل أدوات «إنقاذ الرأسمالية» في مواجهة الركود الطويل الأمد الحالي وفي مواجهة أية أزمة مالية متوقعة في المستقبل.

ثانياً، أن الرأسمالية اليوم تواجه عدواً أكثر خبثاً متمثلاً في تطور القوى المنتجة الذي يتم بوتيرة غير مسبوقة، وبالتحديد تطور الروبوتات والذكاء الاصطناعي.

ايها الرفاق،
نحن نعيش اليوم في ما سمي بـ «عصر الآلة الثانية» والذي يتمثل في استبدال العمالة من قبل الآلات الذكية. وقد كان ماركس الاقتصادي الأول الذي تحدث عن «الاستبدال التكنولوجي» المدفوع من قبل التنافس الرأسمالي. وكانت الرأسمالية سابقاً قد استوعبت الموجة الأولى من هذا الاستبدال، وهي الموجة التي قضت على وظائف لا تتطلب مهارات، وذلك من خلال تدابير مختلفة تراوحت من تدخل الدولة وصولاً الى التوسع الجغرافي. ومع ذلك، فإن الموجة الثانية التي بدأت الآن، وستستمر في المستقبل، عبر استبدال العمالة الماهرة، ستقضي على نصف الوظائف التي تتطلب مهارات في السنوات الـ 20 المقبلة، وسوف تولد بطالة هيكلية عالية جداً في العقود القليلة القادمة كما توقع عدد من الاقتصاديين والتكنولوجيين البارزين غير الماركسيين.

تنبأ ماركس في قسم «الجزيئات حول الآلات» في مخطوطات الـ Grundrisse بهذا التطور الحاصل اليوم؛ حيث أكد أنه في المستقبل ستصبح الصناعة الكبرى والعلوم والتكنولوجيا أصل الثروة ويتم تهميش العمل. في هذه الحالة من التطور الرأسمالي، تصل التناقضات بين قوى الإنتاج وعلاقات الإنتاج إلى ذروتها. وتطرح أسئلة عدة نفسها مثل «من أين سيأتي الاستهلاك حين يفقد العمال مداخيلهم بوتيرة سريعة؟» وسوف تطارد هذه الأسئلة النظام الرأسمالي بحثا عن جواب من دون طائل. وإن أية حلول مثل نظام «الدخل الأساسي»، الذي تجري مناقشته اليوم في العديد من البلدان، لن تكون كافية. فقط في الانتقال إلى الاشتراكية سوف يتم حل هذه التناقضات.

في هذا السياق من الأزمة، نشهد تكثيف الهجمات الإمبريالية في جميع أنحاء العالم. في أميركا اللاتينية حيث يستمر الهجوم اليميني على الحكومات اليسارية التقدمية. في الشرق الأوسط، حيث بلغ التدخل الإمبريالي ذروته مع غزو العراق والفتنة اللاحقة في جميع أنحاء العالم العربي وتوليد الانقسامات الطائفية والعرقية وتفريخ المنظمات السياسية الإجرامية مثل «الدولة الإسلامية» ومتفرعات القاعدة. في أوروبا حيث بلغ الهجوم ذروته في الهجوم بقيادة الترويكا على شعب اليونان وفي التقشف المفروض على الطبقات العاملة الأوروبية بالإضافة إلى صعود الفاشية الجديدة. في أوروبا الشرقية وأوكرانيا حيث حلف شمال الأطلسي يمارس عسكريتاريته بزخم؛ في بحر الجنوب/بحر الشرق حيث تمارس الولايات المتحدة سياسة عسكرة البحار وتحلم باستعادة «دبلوماسية البوارج الحربية»، مما يهدد السلام والازدهار في المنطقة.

أيها الرفاق،
نحن نعيش في «أرض خراب الرأسمالية» والمهام التي تواجه الأحزاب الشيوعية والعمالية العالمية عديدة. ففي عشية الذكرى المئوية لثورة أكتوبر الاشتراكية العظمى سنحتفل بالتأكيد في العام المقبل في روسيا وحول العالم ولكن الأهم من ذلك، أننا بحاجة إلى تطوير البرامج السياسية والاقتصادية التي تأخذ بعين الاعتبار الظروف المادية الموضوعية البارزة أمامنا، ما يستدعي تنبه العقول الماركسية. كما يجب علينا التخلي عن كل أشكال الدوغمائية، والتعلم من أخطاء الماضي التي وقع فيها المشروع الكبير لبناء الاشتراكية في الاتحاد السوفياتي.. وليس التستر عليها تحت أي عباءة غامضة بطريقة تبريرية.

أيها الرفاق،
إنَّ الحركة الشيوعية العالمية، وليست أية حركة يسارية فكرية، يجب أن تقدم نفسها كقوة سياسية وفكرية في مواجهة اليمين والتطرف الديني والرجعيات التي هرعت، مصنعة في بعض الأحيان، لترث الفراغات التي تركها فشل مشروع الرأسمالية النيوليبرالية.

نحن في الحزب الشيوعي اللبناني نتابع عن كثب وباهتمام كبير المسارات المختلفة نحو الاشتراكية في العديد من البلدان. إن هذه المسارات بكل إنجازاتها الكبيرة، بالإضافة إلى المخاطر والمزالق الكامنة، تمثل اختلافات داخل الوحدة. وهي وحدة هدف تحقيق الاشتراكية التي ستحل محل الرأسمالية سواء انتهت الرأسمالية بانفجار كبير أو بهمس خافت.

إن هذه الوحدة في الهدف يجب أن تعكس نفسها على مستوى علاقات مفتوحة ومتساوية وأخوية بين الأحزاب الشيوعية والعمالية في العالم. ويجب أن يتم تعزيز هذا الاجتماع للأحزاب الشيوعية والعمالية من خلال جعله أكثر مرونة وأكثر فعالية، وإضفاء الطابع المؤسسي عليه. في هذه المهمة، تتحمل الأحزاب الشيوعية الحاكمة وما يمكن تسميتها مراكز الجاذبية الشيوعية في العالم مسؤولية خاصة. بالإضافة إلى المسؤولية التي يتحملها كل حزب منا.

ونحن في الحزب الشيوعي اللبناني نعدكم بأنَّنا سنكرس كلَّ ما نستطيع أن نكرسه من أجل تحقيق هذه المهمة الحاسمة.

تحيا الأحزاب الشيوعية والعمالية

عاشت الاشتراكية
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

إعلان أسفل المقال