جاري تحميل ... مدونة سعود قبيلات

إعلان الرئيسية

«إنَّ بعض الأماكن الضَّيِّقة المحكمة الإغلاق قد يكون فضاؤه بلا حدود، وبعض الأماكن المفتوحة والفسيحة قد يكون بالغ الضِّيق وبلا فضاء ولا آفاق، وبعض الأماكن الخالية قد يكون أكثر ازدحاماً من الأماكن المكتظَّة. وإنَّ الصَّمت قد يكون أكثر صخباً من الضَّجيج، والضَّجيج قد يكون خالياً من الأصوات. وإنَّ القامة قد تكون متطاولة إلى حدّ أنَّها بالكاد تبلغ نعل حذاء، وقد تكون عالية إلى حدّ أنَّها تطاول رؤوس السنابل». مِنْ كتابي الموسوم «كهفي» - سعود قبيلات.

إعلان في أعلي التدوينة

صلاح إسماعيل محمد*
الجيش السريّ الأميركيّ
سياسات «فرِّق تَسُدْ» كانت دائما، عبر التاريخ، وسيلة المستعمرين لإضعاف البلدان قبل احتلالها وإخضاعها. ومع التطور العلمي والتقني الغربي أصبحت هناك دراسات وبحوث تختصُّ بهذه السياسات تعنى بها مؤسسة خفيّة فاعلة، وتسعى لتحقيقها على أكمل وجه من الدقة؛ تسمى هذه المؤسسة «الجيش السري»، وهي تشبه الجيوش النظامية من حيث سيطرتها على الأرض وتحقيق الأهداف المباشرة من وراء هذه السيطرة، وتختلف عنها من حيث التنظيم والشكل الظاهري. ورأس حربة هذه الجيوش السرية هم المتآمرون والخونة والجاهلون من أبناء الشعوب المستهدفة.

نشأة الجيوش السرية
بعد اندلاع الحرب العالمية الثانية وقيام ألمانية النازية باحتلال فرنسا، نشأت المقاومة الفرنسية ضد الاحتلال الألماني. وبعد انتهاء الحرب، تحولت قطاعات مِنْ هذه المقاومة إلى قوة موازية للجيش الفرنسي، ولعبت دوراً مهمّاً في الحرب ضد الثورة الجزائرية؛ إذ كان ينتمي إليها قوميون فرنسيون فاشيون رفعوا شعار «الجزائر فرنسية»، وحاربوا في سبيله مثلما كانوا يحاربون في السابق في سبيل تحرير فرنسا من الاحتلال النازي.

في العام 1962، ومكافأة لهذه القوّة على الدور الذي لعبته في الجزائر، تم تنظيمها ضمن مؤسسة سميت بـ«الجيش السري الفرنسي» أو «منظمة الجيش السري الفرنسي».

 بعد العام 1962، قام العديد من الدول، أهمها الولايات المتحدة الأميركية، بتنظيم جيوش سرية. وتُعرف هذه القوات في أميركا الآن بقوات «دلتا»، وفي الاتحاد الروسيّ تُعرَف بقوات «ألفا»، وهناك مثلها في بريطانيا، وحتى في إيران أيضاً. وأصبحت هذه الجيوش مؤشِّراً على عظمة البلد الذي يمتلكها وتطوره العلمي والعسكري.

خصائص مشتركة
تشترك الجيوش السريّة بخواص رئيسة ثلاث:

1.    اعتمادها أسلوب تنظيم العصابات.
2.    العقيدة والانتماء.
3.    سرية المهام والتدريبات.

وهي تعتمد في تشكيلها على ثلاث فئات:
1.    قادة ومدربون جيدون.
2.    خطة جيدة للقتال. 
3.    أناس يملكون الاستعداد الكامل للقتال.

الجيش السري الأميركي
يعتمد هذا الجيش، في عمله، على مجموعات يُرمَز لها بـ SOF وهي اختصار لـ joint Special Operation Forces community (جماعة قوات العمليات الخاصة المنسقة)، وهي مجموعات مكوَّنة من عسكريين يتم اختيارهم بعد خوضهم مناهج اختيار قاسية قبل بدء التدريبات الرئيسة، ويمكن الاختيار من متطوعين مدنيين أيضاً.. شرط اجتيازهم لمنهاج الاختيار القاسي. وتتميَّز هذا القوّات بأنَّها ذات نظام شبه عسكري، ويُطلَقُ اسم «مقاتل» على الأفراد المنتمين إليها، وتشترك في أداء عملها مع ما يسمى SACSA في البنتاغون الأميركي، وهي اختصار لـ Special Assistant for Counterinsurgency and Special Activities (المساعدة الخاصة لمكافحة التمرد والنشاطات الخاصة)، وهي قوات على شكل مجموعات ترتدي اللباس المدني. وتقوم هذه المجموعات بالعمل على تنظيم قوات معارضة ضمن أراضي العدو وإدارتها وتدريبها ورسم الخطط لها؛ (ونلاحظ ذلك من خلال كافة الحروب السرية الأميركية، وخاصة ما يحدث اليوم في سوريا).

في العام 1960، جرت عملية تبادل بين 7th Special force الأميركية وSpecial Air Service Regiment 22nd  البريطانية. ثمَّ في العام 1977، تطورت قوات الـ SOF لما يسمى قوات «دلتا» أو1st Special Forces Operational Detachment-delta (وحدة-ديلتا العملياتية للقوات الخاصة الأولى). وهي قوات مهمتها متابعة المجموعات الإرهابية والاستمرار في حرب متواصلة ضدّها.

التطور الأهم واللافت لهذه القوات جاء بعد العام 1982، حيث قامت الولايات المتحدة الأميركية بإنتاج ما يسمى بالثورة المضادة ضد النظام اليساري في أفغانستان، فأصبحت «القاعدة» جزءاً أساسياً من هذه القوات وتنضوي تحت الاسم الرسمي «الوحدات الأجنبية» foreign units. عملت الولايات المتحدة على تشكيل هذه القوات في إفريقيا وآسيا وفي كل البلدان التي تتقاطع مع المصالح الأميركية.

مهامّ هذه القوات:
1.    تنفيذ المشاريع والمخططات الاستراتيجية الكبرى للولايات المتحدة الأميركية، تحت ستار: العولمة، الفوضى الخلاقة، ومزاعم نشر الديموقراطية، الشرق الأوسط الجديد.. الخ.
2.    رعاية المصالح التجارية للولايات المتحدة في السوق العالمي.
3.    العمل على تحقيق الأهداف الدبلوماسية للخارجية الأميركية والدفاع عن مصالحها.

تشكيلة الجيش السري الأميركي:
في العام 1987، أصدر الكونغرس الأميركي – بعد دراسات دامت سنوات - تشريعاً أصبحت، بموجبه، كل قوات الـ SOF، والأقسام والوحدات المتعاونة معها، تابعة في تكوينها لقيادة موحدة تُسمى United States Special Operations Command أو اختصاراً (USSOCOM or SOCOM)  تقع قيادتها في قاعدة ماكديل الجوية في تامبا بولاية فلوريدا، حيث تشرف على العديد من المهام الخفية والسرية، وتتبع لها وحدات مختلفة:

         وحدة الإشراف  direct action.

         وحدة مهام الاستطلاع الخاصة  special reconnaissance.

         وحدة العمليات المضادة للإرهاب counter-terrorism.

         وحدة مهام الدفاع داخل البلدان الأجنبية (foreign internal defense).

         وحدة الصراعات غير العادية أو المألوفة  unconventional warfare.

         وحدة الحرب النفسية psychological warfare .

         وحدة المهام المدنيّة civil affairs : ينتشر مقاتلو الشؤون المدنية أو الاجتماعية، هؤلاء، في البلاد المستهدفة، قبل فترة طويلة من بدء الحرب، ومهمتهم الأساسية تهيئة البيئة لتكون مناسبة للتدخل العسكري الأميركي، وجعله يبدو كحل لا بدّ منه للمشاكل والاضطرابات التي تعاني منها المنطقة المستهدفة، بالإضافة إلى تحديد النقاط والأماكن اللازمة والضرورية لانتشار المقاتلين والآليات التي يمكن استخدامها والعناصر المستعدة لتقديم العون والمساعدة للعمل العسكري أو غيره.

ويظهر عمل هؤلاء المقاتلين من خلال الجمعيات الأهلية المعتمدة على التمويل الأجنبيّ. ولذلك، قامت روسيا بحظر الجمعيات الأهلية التي تتلقى تمويلاً من الخارج.. بقرارٍ من الرئيس بوتين نفسه. وقد جاء ذلك بالتزامن مع ما يسمى الربيع العربي.

         وحدة العمليات المضادة للمخدرات  counter-narcotics .

تجدر الإشارة، هنا، إلى أنَّه لكل وحدة، مِنْ هذه الوحدات، قيادة خاصة، وذلك لتتمكَّن مِنْ إدارة المهامّ الموكلة إليها بمرونة وديناميكيّة. وهناك وحدة خاصة لإدارة العمليات المشتركة بين بعض (أو كل) الوحدات السابقة، تسمىjoint component command of the operation.

تنتشر هذه القوات، أو تعمل، في المناطق التي يكون تدخل المؤسسة العسكرية الأميركية النظامية فيها خياراً ثانياً أو توجد فيها مشكلة متوطنة لمثل هذا التدخل، وهي ما تسمى بالصراعات منخفضة الكثافة أو القوة.

إنَّ العمل العسكري هو غاية هذه المجموعات، تسعى لتحقيقه من خلال عمل متكامل يقوم على أسس ثلاث:

         أناس جاهلون محمَّلون بأجنداتٍ أميركية.
         معارضة غير مسؤولة ولا وطنيَّة تقامر بالبلاد في سبيل أهدافها الأنانيَّة الضيِّقة.
         قنوات إعلامية ضخمة، تحت السيطرة.

إن قيادة الجيش السري الأميركي تتبع للرئيس الأميركي مباشرة، وتُعتَبر السفارات الأميركية في مختلف بلدان العالم غرف عمليات للجيش السري الأميركي، يقودها السفير الأميركي في هذا البلد أو ذاك. ولذلك، ليس غريباً أنْ يكون عدد موظفي السفارة الأميركية في العراق هو 15 ألف موظفاً. وفي تونس، بعد حوالي أسبوعين من اندلاع الاضطرابات هناك، سمعت أحد المتحدثين على قناة «الجزيرة»، يقول: «إن السفير الأميركي في تونس استدعى إلى مكتبه وزير الدفاع التونسي وقال له: إذا تفاقمت الأمور ورفض ابن علي الاستقالة عليك المبادرة والأخذ بزمام الأمور والانقلاب عليه». أمَّا السفيرة الأميركية في القاهرة، فقالت في تصريح لها في آذار من العام 2011: «إن الإطاحة بمبارك كلفت الحكومة الأميركية 50 مليون دولار».

في العام 1994، أصدر الرئيس الأميركي الأسبق بيل كلنتون الأمر الرئاسي الموجه /NSC-25 والقاضي بنشر «الوحدات الأجنبية» (وهو الاسم الرسمي لـ«القاعدة» والفصائل التابعة لها) في المناطق التي تشعر حكومة الولايات المتحدة بالحاجة إليها فيها لمساعدة الجيش الأميركي.

تحقق «القاعدة» مبدأين أساسيين:
         العقيدة: وعلى أساسها يتمّ الحشد والتعبئة واستمرار التجنيد.
         التكفير: وهو حربٌ ضد الإسلام نفسه.

إن الوحدات الأجنبية تؤمِّن بقاء الجنود الأميركيين بمنأى عن المواجهات العسكريّة.

إن مقاتلي الجيش السري الأميركي هم مقاتلون متميزون؛ إذ أنه توجد جامعة لتدريسهم وتهيئتهم كمقاتلين محترفين، تسمى جامعة USSOCOM؛ أي أنهم مقاتلون أكاديميون يتعاملون مع مهامهم بشكل علمي أكاديمي، ومن هنا تأتي خطورة وأهمية أولئك المقاتلين.

إن الوحدات الأجنبية مهمة جداً، أيضاً، لتأمين انتشار الجيش السري الأميركي، ونجاحه في تحقيق أهدافه، بالتعاون مع لواء أو فرقة الشؤون المدنية.

تعداد الجيش السري الأميركي
يبلغ تعداد الجيش السري الأميركي 77 ألف مقاتل، منهم 25 ألف مقاتل أميركي فقط، وأما ما تبقى فهو عبارة عن وحدات أجنبية. وهذه الأرقام أخذناها مِنْ مقال لـ NICK TURSE في الواشنطن بوست، في 4 آب من العام 2011.

موازنة الجيش السري الأميركي
 للجيش السري الأميركي موازنة خاصة مستقلة تخصصها له الحكومة الأميركية. ولكن، هناك مصدر آخر لتمويل عمليات الجيش السري الأميركي هو تبرعات المانحين USSOCOM medal ، وهو ما يتيح له تنويع مصادر تمويله ويسمح لدول بعينها كدول الخليج بالمساهمة في تمويل عمليات هذا الجيش.

لقد كانت لكثير من الدول الاستعماريّة، قبل العام 1962، قوات خاصة تستخدمها تحت جناح الاستخبارات، لزعزعة استقرار الدول الأخرى وإضعافها؛ فالبريطانيان لورانس العرب وهمفر، والأميركي كرميت روزفلت لا يزالون أمثلةً بارزة على هذه السياسات الغربية العدوانيّة. ولكن، بعد العام 1962، أصبحت هذه القوات والاستراتيجيات منظمة ضمن ما يسمى الجيوش السرية.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*صلاح إسماعيل محمد: حاصل على درجة الماجستير في الرياضيات من جامعة دمشق، مدرِّس مِنْ خارج الملاك في جامعة تشرين (سابقاً)، محاضر في المركز الثقافي العربي في اللاذقية.

 [1]. A.AIR force Magazine/June 1999/The plain of Jars
[2]. ويكيبيديا الموسوعة الحرة: https://ar.wikipedia.org  .
[3]. Captain Jay Ashburner Son-Tay Raid-25th Anniversary: Richard J. Meadows Major, US Army (retired) “Quiet Professional”                                                      
[4]. هارولد شومان، هانس بيتر مارتين: فخ العولمة «الاعتداء على الديموقراطية والرفاهية»، ترجمة: د. عدنان عباس علي، مجلة عالم المعرفة عدد 238.
NICK TURSE: August 04, 2011 A Secret War in 120 Countries The Pentagon’s New Power Elite       [5].
[6]. وسائل إعلامية: الجزيرة، أورينت، سما، وغيرها.
[7]. الحقول: عقائد العسكرية الأميركية تدور حول الحروب بالإنابة، www.alhoukoul.com/article/6242 .
[8]. تحولات- «حروب الظل» لعبة الحروب السرية الأميركية. http://taholat.net  .
[9]. ماذا تعرف عن حروب أميركا السرية في عشرات الدول. www.sasapost.com .
[10]. «ويكليكس»: خطة أميركية لزعزعة استقرار سوريا منذ العام 2006، العالم www.alalam.ir .
[11]. هيرش يقدم معلومات خطيرة عن الحرب على سوريا، العالم www.alalam.ir .
[12]. F.Lee Campbell IV: SEMINAR O, PROFESSOR COL French MacDonald, ADVISOR: COL Jim Rabon, “ A MDEST SUGGESTION”, NATIONAL DEFENSE UNIVESITY, NATION WAR COLLEGE.
[13]. سعود قبيلات، مدونة سعود قبيلات http://saudqubilat.blogspot.com .
[14]. نبيل صالح، موقع الجمل بما حمل.
[15]. تحولات- «حروب الظل» لعبة الحروب السرية الأميركية، http://tahawolat.net/ArticleDetetails.aspx?Id=6232&ArticleCategory=0   .
[16]. الحقول: عقائد العسكرية الأميركية تدور حول الحرب السرية، http://www.alhoul.com/articlel/6242.  
 [17]. تفسير بن كثير، وتفسير القاضي البيضاوي، القرآن الكريم.

[18]. فوزي زيادين، الحوليات الأثرية العربية السورية| المجلد الثاني والأربعون|1996.
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

إعلان أسفل المقال