جاري تحميل ... مدونة سعود قبيلات

إعلان الرئيسية

«إنَّ بعض الأماكن الضَّيِّقة المحكمة الإغلاق قد يكون فضاؤه بلا حدود، وبعض الأماكن المفتوحة والفسيحة قد يكون بالغ الضِّيق وبلا فضاء ولا آفاق، وبعض الأماكن الخالية قد يكون أكثر ازدحاماً من الأماكن المكتظَّة. وإنَّ الصَّمت قد يكون أكثر صخباً من الضَّجيج، والضَّجيج قد يكون خالياً من الأصوات. وإنَّ القامة قد تكون متطاولة إلى حدّ أنَّها بالكاد تبلغ نعل حذاء، وقد تكون عالية إلى حدّ أنَّها تطاول رؤوس السنابل». مِنْ كتابي الموسوم «كهفي» - سعود قبيلات.

إعلان في أعلي التدوينة

بوتين والسيسيّ والخازوق الذي دقَّه ناصر للأميركيين
قال محلّلون وساسة مصريون إن اختيار الرئاسة المصرية لـ«برج الجزيرة» بحي الزمالك في القاهرة، مكاناً لوليمة عشاء احتفاءً بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين في زيارته الاخيرة لمصر، قد جاء كرسالة مشفرة بعثتها مصر الى واشنطن، تشير فيها الى انتهاج القاهرة نوعاً من الحياد الدولي، وعدم التبعية في سياستها الخارجية، كون «برج القاهرة» رمزاً لواقعة شهيرة، حيث تم بناؤه بأموال رشوة حاولت المخابرات الأميركية تقديمها لعبدالناصر، لتغيير سياساته ومواقفه الوطنية في الخمسينات والستينات.


وقال المؤرخ والكاتب الصحافي، رئيس تحرير «الهلال» السابق، محمد الشافعي، إن «إقامة المأدبة التي ضمت السيسي وبوتين في برج الجزيرة، يبث اشارة مفادها ان القرار السياسي المصري ليس مرتهناً بقوة أحادية في العالم، وتحديداً بواشنطن، فالرئيسان المصري والروسي يلتقيان في المكان نفسه، الذي مثل تحدياً لسياسة الهيمنة الاميركية في المنطقة، وقد أقام عبد الناصر برج الجزيرة ليمثل (خازوقاً) ضد التسلط الأجنبي، و(شاهداً) و(نصباً تذكارياً) على استقلال مصر ورفضها للاختراق». وتابع الشافعي أن «السيسي لم يدع بوتين في برج الجزيرة لكي يرى معالم القاهرة، فقد كان يمكن ان يشاهدها الضيف الروسي من أي مكان آخر، لكن ليقول له وعبره إن مصر تتعامل بندية مع أي طرف في العالم وليست تابعاً».


واستطرد الشافعي أن «قرار اقامة الوليمة في برج الجزيرة يأتي تواصلاً مع قرار تعيين فايزة أبو النجا المعروفة بتصديها لمنظمات التمويل الأجنبي في موقع قيادي، وهي شارات سياسية شبيهة بالشفرات غير المباشرة، تستخدم عادة بين الدول، لتجنب التصرفات المباشرة وللتأكيد على معانٍ بعينها».


من جهته، قال مستشار المركز القومي لدراسات الشرق الأوسط، اللواء الدكتور محمد مجاهد الزيات، في تصريحات إعلامية إنَّ أسباب مأدبة البرج هي «تأكيد مصر والرئاسة أنَّ الإرادة المصرية حرة ومتنوعة، حيث أرادت المخابرات المركزية في الخمسينات شراء الإرادة المصرية بملايين الدولارات، فأصر عبد الناصر على إقامة البرج بأموال الأميركيين أنفسهم». ويكتسب قول الزيات أهمية خاصة، كونه مقرباً من الرئاسة المصرية ودائرة صنع القرار.


وقال المؤرخ الناصري الدكتور عاصم الدسوقي إن إقامة المأدبة إشارة إلى ظروف بناء البرج بأموال أميركية، أرسلت مع حسن التهامي اثناء التفاوض مع الانجليز عام 1954، لكي يقبل عبد الناصر الاعتراف بإسرائيل، فما كان من الأخير إلا أن فضح الموضوع، وأقام هذا البرج على شكل زهرة اللوتس المصرية. وللعلم كان أسفل هذا البرج إحدى إدارات المخابرات المصرية. كذلك فإن إهداء بوتين للسيسي، أثناء الزيارة، بندقية كلاشينكوف، مغزاها أن روسيا سوف تسلح مصر خلافاً لمعاهدة كامب ديفيد مع إسرائيل 1979، التي كان من شروطها السرية أن أميركا سوف تسلح الجيش المصري، وتدفع دعماً للجيش المصري سنوياً، بشرط ألا تشتري مصر سلاحاً من غير الولايات المتحدة».
بوتين والسيسيّ والخازوق الذي دقَّه ناصر للأميركيين

الجدير بالذكر، أن قصة بناء برج الجزيرة، والذي يطلق عليه اسم برج القاهرة أيضاً، كانت أول مهمة كبرى للمخابرات العامة المصرية، بحسب كتاب تحت الطبع، لوكيل الجهاز السابق، اللواء الدكتورعادل شاهين، إذ حوّل الزعيم الراحل جمال عبدالناصر مبلغ مليون دولار – تم ضبطها ومصادرتها في مصر- بعد أن قدمتها المخابرات الاميركية عبر ضابط لتوصيلها كرشوة الى عبدالناصر، بهدف تغيير مواقفه الوطنية والقومية، وهي العملية التي أطلق عليها الاميركيون لاحقاً، بحسب المؤرخ جمال حماد اسم «شوكة روزفلت». وتعتبر زيارة بوتين ــ السيسي، للبرج، الأولى لرؤساء دول منذ إنشائه، بعد زيارة عبد الناصر له في الستينات، بحسب مدير البرج الحالي العقيد يسري جرجس.
بوتين والسيسيّ والخازوق الذي دقَّه ناصر للأميركيين

في الإطار ذاته، قال المسؤول السياحي عبد المنعم حسين إن «مصر حتى اليوم لم تستفد من البرج كما ينبغي، سواء من جهة إبراز تاريخه الاستثنائي، الذي يصلح كمادة إعلامية جذابة، خصوصاً في البلدان اللاتينية والإفريقية، أو من حيث شكله وطريقة بنائه وموقعه المتميز».


وأضاف حسين «أن البرج، الذي شيده المهندس نعيم شبيب، يعد أعلى برج سياحي (غير سكني) في العالم شيّد بالإسمنت، وبُني على قاعدة من أحجار الجرانيت، ويتكون من 16 دوراً، ويشتمل على مطعم دوار في الدور الرابع عشر، يمكن للجالس فيه أن يرى القاهرة من جميع الزوايا».


وكان البرج مركزاً لبث الإذاعات السرية الموجهة ضد الاستعمار في إفريقيا وآسيا، في حقبة التحرر الوطني في الستينات.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المصدر: «الإمارات اليوم»
خالد محمود ـــ القاهرة 
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

إعلان أسفل المقال