جاري تحميل ... مدونة سعود قبيلات

إعلان الرئيسية

«إنَّ بعض الأماكن الضَّيِّقة المحكمة الإغلاق قد يكون فضاؤه بلا حدود، وبعض الأماكن المفتوحة والفسيحة قد يكون بالغ الضِّيق وبلا فضاء ولا آفاق، وبعض الأماكن الخالية قد يكون أكثر ازدحاماً من الأماكن المكتظَّة. وإنَّ الصَّمت قد يكون أكثر صخباً من الضَّجيج، والضَّجيج قد يكون خالياً من الأصوات. وإنَّ القامة قد تكون متطاولة إلى حدّ أنَّها بالكاد تبلغ نعل حذاء، وقد تكون عالية إلى حدّ أنَّها تطاول رؤوس السنابل». مِنْ كتابي الموسوم «كهفي» - سعود قبيلات.

إعلان في أعلي التدوينة



عندما يُذكَر اسم انطون سعادة، نتذكَّر فوراً مقولته الشهيرة المشبعة بالكرامة: «الحياة وقفة عزّ»؛ ونتذكَّر، أيضاً، أنَّه دفع حياته، بعزَّةٍ وإباء، في سبيل ما كان يؤمن به؛ كما نتذكَّر، ثالثاً، أنَّه خلَّف مناضلين صلبين ثابتين على المبدأ كان لهم الفضل في إطلاق جبهة المقاومة الوطنيَّة اللبنانيَّة (جمّول)، في مثل هذه الأيَّام، إلى جانب الحزب الشيوعيّ اللبناني، عندما احتلَّت «إسرائيل» لبنان، ومِنْ أبرز شهدائهم في مواجهة المحتلّين، الاستشهاديَّة البطلة سناء المحيدليّ التي فجَّرتْ نفسها في حشدٍ مِنْ قوَّات الاحتلال «الإسرائيليّ». وهذا في حين أنَّ تفريخات الوهَّابيَّة و«الإخوان المسلمين» يفجِّرون أنفسهم بالمدنيين (أو الجنود) العراقيين والسوريين والمصريين! ونتذكَّر، رابعاً، أنَّ مذهبه الفكريّ والسياسيّ أنتج في البلاد الشاميَّة نماذج ثقافيَّة باهرة نعتزّ بها جميعاً؛ منها، على سبيل المثال: محمَّد الماغوط، وأدونيس، وخليل حاوي وسواهم. وقد وصفه كمال جنبلاط، في معرض استجوابه للحكومة اللبنانية بشأن إعدامه عام 1949، قائلاً: ‏‏«إن سعادة هو رجل عقيدة ومؤسس مدرسة فكرية كبرى وباعث ‏نهضة في أنحاء الشرق قد يندر لها مثيل».

مناسبة هذا الكلام هي أنَّ وكالة رويترز للأنباء بثَّت خبراً عن اكتشاف عددٍ كبيرٍ من النصوص المجهولة لانطون سعادة، وتالياً خبر الوكالة:
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
جان داية يكشف عن 238 نصاً مجهولاً لانطون سعادة

من جورج جحا 
بيروت (رويترز) - آخر ما توصل إليه الباحث اللبناني جان داية بعد عثوره على خمسين نصاً مجهولا للأديب أمين الريحاني كتاب ضخم كتبه وأورد فيه 238 نصاً وصفها بأنها مفقودة لمؤسس الحزب السوري القومي الاجتماعي أنطون سعادة.
الكتاب الذي ورد في 624 صفحة متوسطة القطع وصدر عن مؤسسة (فجر النهضة) في بيروت حمل عنواناً مركباً هو «أنطون سعادة ..مقالات ضائعة 1937-1938.. رأي النهضة.. 238 نصاً مجهولاً.. إعداد وتقديم جان داية.» 
يقول داية في مقدمة الكتاب متسائلاً عن هذه النصوص وبقائها خارج أعمال أنطون سعادة المنشورة «هل يعقل أن تبقى نصوص لسعادة بهذه الكمية خارج الاجزاء الستة عشر من (الاثار الكاملة) والاجزاء الاثني عشر من (الاعمال الكاملة)؟»  
ورد على السؤال بقوله «من حيث الواقع يمكن القول أن كل الأعمال أو الآثار (الكاملة) لأي مبدع في كل الأمم ناقصة. لذلك جمعت الروائية الدمشقية غادة السمان بين الطرافة والموضوعية حين توجت أغلفة أجزاء نتاجها بعنوان (الاعمال الناقصة).»
وأضاف «ويرتفع منسوب النصوص المجهولة عندما يكون صاحبها غزيراً في نتاجه ويغيب توقيعه عن جزء كبير من مقالاته أو يذيل بعضها بتواقيع مستعارة.  
«وربما يكون سعادة الذي بدأ الكتابة في (الجريدة) وهو في السابعة عشرة وختمها في (الجيل الجديد) وهو في الخامسة والأربعين من أكثر الكتاب...في العالم العربي ليس فقط في نتاجه المتدفق كالسيل بل أيضاً في ناحيتين إضافيَّتين.. استعماله لعدد غير قليل من الأسماء المستعارة...ونشره لمعظم مقالاته من غير أن يتوجها أو يذيلها بأي توقيع. وبالمناسبة فإن الجزء الأكبر من النصوص المعاد نشرها في (الآثار الكاملة) و(والأعمال الكاملة) كان خالياً من أي توقيع حين نشر للمرة الأولى في إحدى الدوريات.»
وقال داية عما استند إليه في نسبة هذه المقالات إلى سعادة «ثمة معايير أساسية ثلاثة يمكن الاستناد إليها كي يتم تحديد ملكية سعادة لأي نص لا يحمل توقيعه الصريح. المعيار الأول أن يشير سعادة نفسه في إحدى رسائله أو في أحد خطبه أو مقالاته بأنه كاتب هذه المقالة أو تلك النصوص المنشورة في إحدى الدوريات.
«المعيار الثاني أن تكون المقالات المنسوبة إلى سعادة منشورة في أحد ركنين أو بابين من أبواب الجريدة التي كان يصدرها الحزب: باب الافتتاحية أو المقال الأول وركن السياسة الخارجية» مضيفاً أن سعادة كان يحرر في صحف الحزب موضوع السياسة الخارجية وأنه كان عملياً رئيس تحرير تلك الصحف وأنه حرر أيضاً المقال الأول فيها.
 
«المعيار الثالث: لا بد أن يحمل مقال سعادة المنشور في حيزي الافتتاحية والسياسة الخارجية بصماته الفكرية» واللغوية والاسلوبية.
ومضى داية يقول إن «المعايير الثلاثة تؤكد منفردة ومجتمعة على أن المقالات الضائعة هي لسعادة.» 
أما تأكيد سعادة نفسه بأنه كاتب المقالات المعاد نشرها في الكتاب فقد ورد مرتين في رسالة منه للأديبة ادفيك جريديني ( شيبوب ) الرسالة الأولى بتاريخ 2 تشرين الاول 1937(أكتوبر) والثانية في 24 تشرين الاول (أكتوبر) 1937.
ويقول داية إن كل مقالات سعادة في (السياسة الخارجية) قد أعيد نشرها «في حين أن معظم مقالات (رأي النهضة) غيبت ... بحجة أنها ليست لسعادة.»
وقال الباحث إن ثمة كلاماً بأن سعادة لم يكتب في الموضوع الاقتصادي سوى القليل «ولكن بعض مقالات (رأي النهضة) تنفي صحة المعلومة الشائعة حيث عالج سعادة في قسم منها الناحية النظرية في الاقتصاد وتناول في القسم الباقي المعضلات الاقتصادية» في لبنان وسوريا «ورسم لها حلولاً عملية على ضوء فلسفته الاقتصادية.»

(إعداد جورج جحا للنشرة العربية - تحرير أميرة فهمي)
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

إعلان أسفل المقال