جاري تحميل ... مدونة سعود قبيلات

إعلان الرئيسية

«إنَّ بعض الأماكن الضَّيِّقة المحكمة الإغلاق قد يكون فضاؤه بلا حدود، وبعض الأماكن المفتوحة والفسيحة قد يكون بالغ الضِّيق وبلا فضاء ولا آفاق، وبعض الأماكن الخالية قد يكون أكثر ازدحاماً من الأماكن المكتظَّة. وإنَّ الصَّمت قد يكون أكثر صخباً من الضَّجيج، والضَّجيج قد يكون خالياً من الأصوات. وإنَّ القامة قد تكون متطاولة إلى حدّ أنَّها بالكاد تبلغ نعل حذاء، وقد تكون عالية إلى حدّ أنَّها تطاول رؤوس السنابل». مِنْ كتابي الموسوم «كهفي» - سعود قبيلات.

إعلان في أعلي التدوينة

سعود قبيلات ▣

أدونيس في ذمّ غيفارا والثناء على غانديثمَّة ظاهرة "أدبيَّة" ملفتة برزتْ في السنوات الأخيرة؛ وهي هجوم بعض الأدباء والمثقَّفين العرب والعالمثالثيّين على شخص وتراث الثائر الأرجنتينيّ الأمميّ آرنستو تشي غيفارا. أشير هنا ـ كمثال على هذه الهجمة ـ إلى أديبين بارزين هما: الشاعر العربيّ أدونيس، والأديب البيروفيّ ماريو فارغاس يوسا.

وهذان الأديبان بالذات هما اللذان أنوي مناقشة هجوميهما على غيفارا دون سواهما؛ ليس لأنَّ الأفكار التي طرحاها في هذا المجال هي الأهم، بل لأهميَّتهما الأدبيَّة وذيوع اسميهما على نطاق واسع ما قد يجعل الكثيرين يتأثَّرون برأييهما لهذا السبب بالذات.

وفي هذا المقال أودّ أنْ أناقش رأي أدونيس تحديداً، بينما أنوي أنْ أناقش رأي ماريو فارغاس يوسا في مقالٍ آخر.

شنَّ أدونيس هجومه على غيفارا مِنْ خلال مقال له بعنوان "غاندي، لا غيفارا"، وقد ردَّ زميلنا وصديقنا الأديب الأستاذ رشاد أبو شاور في حينه على هذا المقال، وأُتيح لي الاطِّلاع على بعض جوانب ردِّه إلا أنَّني لم أتمكَّن مع الأسف من الاطلاع على ردّه كاملاً. على أيَّة حال، سأحاول أنْ يكون مقالي هذا نوعاً من الإضافة إلى مقال الأستاذ رشاد وآمل أنْ أوفَّق في ذلك.

يؤكِّد أدونيس في بداية مقاله أنَّه يرفض العنف بأشكاله جميعاً "مهما كانت أهدافه. مهما كانت مسوِّغاته. سواءٌ أكان فرديّاً أو جماعيّاً". أي أنَّ أدونيس بالمعنى الذي يهمُّنا هنا في العالم العربيّ ويهمُّ كلّ الشعوب التي تعاني من الاحتلال والاستعمار والقهر والاستبداد في العالم الثالث بوجه عام، يرفض المقاومة إذا كانت مسلَّحة وتلجأ للعنف (مهما كانت مسوِّغاته)؛ ما يعني أيضاً أنَّه يرفض التفريق ما بين المقاومة وبين الإرهاب في مثل هذه الحالة؛ وهو موقف يتطابق تحديدا (بغضّ النظر عن النوايا والأهداف) مع الموقف الأميركيّ ـ الإسرائيليّ، ويصادر حقّاً أساسيّاً من حقوق الشعوب نصَّتْ عليه صراحة الشرائع الدوليَّة المقرَّة في العصر الحديث؛ ألا وهو حقّ المقاومة بكلّ أشكالها في حالة حدوث استعمار لبلدٍ ما بأيِّ شكلٍ من الأشكال. بل إنَّ أدونيس، أكثر مِنْ ذلك، يرفض العنف "بأشكاله جميعاً"، كما رأينا في نصّه السابق، وهو تعبير غامض يمكن أنْ يُفسَّر على أكثر مِنْ وجه، بحيث أنَّه حتَّى الكلام الصريح والجريء والشديد في مخاطبة الأعداء والخصوم يمكن أنْ يُعتبر، وفقه، عنفاً مرفوضاً.

ولا يكتفي أدونيس بذلك، بل إنَّه يضع شرطاً تعجيزيّاً متشدِّداً لكي يتنازل فيمنح بركاته لأيّ نشاط تحرريّ؛ إذ يقول: "ثمَّ إنَّني أفضِّل، في كلّ عمل تحرريّ، أنْ يشارك الشعب كلّه في النضال، لا أنْ يقتصر هذا النضال على مجموعة من الأفراد، أيّاً كانوا"! والسؤال هنا هو: هل تحقَّق مثل هذا الشرط في أيّ يومٍ من الأيَّام في أيّ تجربة تحرريَّة حقيقيّة؟ ثمَّ؛ أيّ شعب هو ذاك الذي يكون جميع أبنائه مناضلين ومكافحين محترفين ليس بينهم إنسانٌ منغمس في شؤونه الخاصَّة أو متواطئ مع العدو أو خائر العزيمة أو متخاذل أو غير مدرك لسبيل الخلاص السليم أو يفضِّل أنْ يكون جزءاً من الجموع "الصامتة" المتوفِّرة بكثرة في كلّ الشعوب والتي تنتظر، عادةً، الخلاص على يد الآخرين المبادرين والمضحّين.. الخ؟! وبناء على مثل هذا الشرط العجيب الذي يتمسَّك به أدونيس فإنَّه يتوجَّب على الطليعة مِنْ أبناء أيّ شعب التي ترفض الخنوع والذلّ والاستعباد والقهر أنْ تستقيل مِنْ دورها التاريخيّ والموضوعيّ وتكفّ عن طموحاتها التحرريَّة وتضع رأسها بين الرؤوس وتقول يا قطَّاع الرؤوس إلى أنْ تحدث المعجزة ويقرِّر الناس فجأة أنْ يكونوا على قلب رجل واحد وأنْ ينهضوا معاً، يداً بيد، مِنْ دون أنْ يكون بعضهم سبّاقاً في هذا المسعى، ومِنْ دون أنْ يكون طبعاً هناك أيّ عنف في هذا الفعل التحرريّ!

وغيفارا، بالنسبة لأدونيس "عصبة، طبقة، فئة، طليعة، الخ، تمارس العنف"، وهذا امتداد للفكرة "التجانسيَّة" السابقة التي تتجاهل وجود الطبقات والفئات المختلفة في المجتمعات واختلاف مصالحها، وتباين مستويات الوعي والقدرة على العمل، فيها، مِنْ أجل الأهداف الوطنيَّة الكبرى التي تضطلع بها في العادة الطلائع التي تقود الجماهير الواسعة صاحبة المصلحة في التغيير مِنْ أجل تحقيق طموحاتها وأهدافها. إنَّه أيضاً يتجاهل القوانين العلميَّة للتغيير والتحوّل في مختلف جوانب الحياة ومستوياتها؛ في الطبيعة وفي المجتمع وفي السياسة والفكر والفنّ.. الخ؛ حيث تكون عوامل التغيير في البداية غير ملحوظة وتأثيرها يكاد يكون بلا وزن، ثمَّ شيئاً فشيئاً تأخذ، هذه وذاك، في الازدياد والاتِّساع إلى أنْ تصل إلى المستوى الحاسم والفاصل فيصبح مردود حركتها نوعيّاً وليس مجرّد إضافة كميَّة، وهذا التحوّل النوعي هو الذي يحدث عادة مِنْ خلال الثورة.

ومِنْ ناحية أخرى، فإذا كان المجتمع متجانساً ليس فيه أيَّة تباينات أو تناقضات طبقيَّة وسواها، فلماذا يكون التغيير مطلباً، إذاً؟ ولمصلحة مَنْ؟ وهل من الممكن في هذه الحالة أنْ يفكِّر فيه أحد أو يسعى إليه؟ ونحن نتحدَّث هنا عن البلدان الكولينياليَّة، على سبيل المثال، التي تنتشر نماذجها في العالم الثالث؛ حيث لا يكون وجود الاستعمار الخارجيّ ظاهراً أو مباشراً، بل يمارس فعله وتأثيره واستغلاله وقهره مِنْ خلال آليَّاته وامتداداته المحليَّة. وهذه هي تحديداً النماذج التي خاض غيفارا كفاحه في إطارها، وفي مواجهتها، في أميركا اللاتينيَّة وفي أفريقيا؛ حيث جمهوريّات الموز والنحاس والنفط  والألماس.. الخ.

بعد ذلك الهجوم المركَّز ينتقل أدونيس للحديث عن غاندي كبديل مفضَّل لغيفارا: "غاندي: الشعب كلّه، في تنوّع فئاته ووحدتها، مسلّحاً بالسلام والانفتاح على الآخر". وهذا الكلام، مِنْ جهة، غير دقيق؛ فلم يكن الشعب كلّه وراء غاندي، بل كانت ثمَّة فئات وطبقات وشرائح وأشخاص لهم مصلحة في بقاء المستعمر، أو كانوا متوهِّمين بأنَّ لهم مصلحة في بقائه، أو أنَّهم كانوا يخشون مواجهته والصدام معه.. الخ. ومِنْ جهة أخرى، فهذه المفاضلة بين غاندي وبين غيفارا إنَّما هي امتداد للفكر الأحاديّ السكونيّ نفسه الذي رأينا حتَّى الآن بعض ملامحه لدى أدونيس. إنَّ ما نراه هنا هو منطق "إمَّا أو" الذي ينظر ضمناً إلى الحياة بوصفها شديدة الفقر في أشكالها ومعطياتها وتخلو من الإبداع إلى حدّ أنَّه لا يمكنها أنْ تنتج سوى نموذجين للعمل التحرريّ في أحسن الأحوال؛ نموذج غيفارا ونموذج غاندي. لا بل نموذج واحد، فقط، هو نموذج غاندي؛ فنموذج غيفارا، بالنسبة لأدونيس، هو انحراف عن الطريق القويم، بل هو الشرّ كلّه؛ حيث، برأيه "أثبتتْ التجربة أنَّ مثال غيفارا كان طريقاً ملكيَّة لتهديم طاقاتنا، لتخريب حياتنا، لتبديد ثرواتنا، لفشلنا، ولتشويه وجودنا وحضورنا في العالم". ولنضع جانباً هذا الرأي المشحون بالانفعال والمتحامل؛ لأنَّ إلقاءه المسؤوليَّة في تردِّي الواقع العربيّ على عاتق غيفارا، مِنْ دون وجه حقّ ومِنْ دون مسوِّغ، يشي بأنَّ هذا الكلام موجَّه إلى قارئ ما غربيّ أكثر ممَّا هو موجَّه إلينا هنا في العالم العربيّ. ونعود إلى تلك المفاضلة الغريبة التي أقامها أدونيس بين غاندي وبين غيفارا ومِنْ ثمَّ تفضيله غاندي، ونقول أنَّ في هذا الموقف تجاهل تامّ لتنوّع ظروف الشعوب واختلاف ثقافاتها وبيئاتها وأشكال القهر والاستغلال التي تخضع لها. ولهذا فإنَّ أدونيس لا يسأل نفسه، لماذا لم تتكرَّر تجربة غاندي في أيّ مكان آخر عدا الهند.

وما يلفت النظر، بوجه خاصّ، بعد ذلك، هو تفسير أدونيس في المقال نفسه لحالة التردَّي التي يعيشها عالمنا العربيّ؛ حيث بعد إلقائه اللوم في ذلك على غيفارا، يعود ليلقي اللوم بشكلٍ جازم على "تاريخنا السياسيّ ـ الدينيّ": "ولننظر إلى أحوال العراق، تمثيلاً لا حصراً: إنَّها تؤكِّد لنا أنَّ تاريخنا السياسيّ ـ الدينيّ لا يزال المكان الأكثر تحريضاً على اقتتالنا وتفتّتنا، والأكثر مدعاةً لضياعنا". وأريد هنا أنْ أضع جانباً هذا الارتباك الفكريّ الذي يقودنا مرَّة للوم غيفارا ومرَّةً للوم "تاريخنا السياسيّ ـ الدينيّ"، لأسأل: هل "التاريخ السياسيّ ـ الدينيّ" هو فعلاً "المكان" الأكثر تحريضاً على اقتتالنا؟ ألم يكن، على سبيل المثال، اقتتال الأوروبيّين فيما بينهم والأميركيّين فيما بينهم في الماضي القريب أكثر شراسة وعمقاً وأطول أمداً، مع أنَّ هؤلاء وأولئك، كما هو واضح، لا يشتركون معنا في "تاريخنا السياسيّ ـ الدينيّ" الذي يرى أدونيس أنَّه هو "المكان" الأكثر تحريضاً على اقتتالنا؟ ثمَّ هل الأفكار المهيمنة الآن هي أفكار الماضي حقيقة؟ أم أنَّها أفكار الحاضر البائس والمشوَّه متلبِّسةً بلبوس الماضي؟ وهو هنا ماضٍ مصطنع ومفصَّل تماماً على مقاس الحاضر وبما يلائم حاجته وذوقه ورغباته. فالماضي الحقيقي لا يمكن انتزاعه مِنْ زمنه ومِنْ ظروفه وإلصاقه بزمنٍ وظروفٍ مختلفين. إنَّ ذلك أشبه بأنْ نتصوَّر إمكان حشر الحياة في لقطة فوتوغرافيَّة ثابتة وأنْ تظلّ مع ذلك نابضة بالحياة إلى ما لا نهاية.

والخلاصة هي أنَّ الأفكار الموجودة في الحاضر هي ابنة شرعيَّة له، بغض النظر عن طابعها؛ سواء أكان ماضويّاً أم مستقبليّاً أو يتعامل مع الحاضر بالقطعة.. الخ. ولقد جرَّبتْ الأمَّة العربيَّة طوال القرن العشرين الإجابة على التحدِّيات التي تواجهها بعددٍ من الصيغ والأطروحات المختلفة، لكنَّها تعرَّضتْ دائماً للقمع والصدّ مِنْ قبل الغرب وأدواته المحليَّة في المنطقة. جرَّبتْ في البداية مشروع الإصلاح الليبراليّ تحت عباءة الدين، ثمَّ جرَّبتْ محاولة الإصلاح الليبراليّ العلمانيّ، ثمَّ جرَّبتْ محاولة الإصلاح العلمانيّ تحت راية رأسماليَّة الدولة الوطنيَّة. وكلّها محاولات تعرَّضت،كما نعلم، للصدّ والردّ بعنف مِنْ قبل الغرب وأدواته المحليَّة.. ابتداء مِنْ محاولة محمَّد عليّ، مروراً بمحاولة جمال عبد الناصر والمحاولات القوميَّة واليساريَّة الأخرى المختلفة.. إلى أنْ وصلت الأمَّة إلى حالة الإحباط والوهن الحاليَّة في ظلّ الهزائم والانكسارات المتوالية. ومع ذلك فهي لم تستسلم، بل ظلَّتْ تحاول التعبير عن وجودها وعن استمرار تدفّق نسغ الحياة في شرايينها بكل الأساليب والأشكال الممكنة. وبالتالي، فتاريخنا المعاصر ليس كما يشاع هو فقط تاريخ الهزائم، بل هو أيضاً تاريخ الكفاح.. تاريخ أمَّة ترفض أنْ تستسلم.. تاريخ أمَّة تتوق للتحرّر والنهوض.. تاريخ أمَّة معتدَّة بذاتها وترى أنَّها يجب أنْ تحصل على دور يليق بها بين الأمم، وهو بالتأكيد غير هذا الدور البائس المرصود لها مِنْ قبل بعض الدوائر الإمبرياليَّة. وهذا ما لا يستطيع أدونيس أن يراه أو يفهمه؛ لأنَّه لا يملك في تحليله للواقع العربيّ الحاليّ (بل والمستقبليّ أيضاً) إلا المنطق الأحاديّ السكونيّ القاصر، نفسه، حيث يتشبَّث بأهداب التاريخ (الذي أدَّى دوره في زمنه ومضى) ويلقي بالمسؤوليَّة على عاتقه في كلّ ما نحن فيه الآن، ليبرئ الحاضر والمتنفِّذين فيه مِنْ كلّ ذنوبه وذنوبهم؛ فيقول إضافة إلى ما سبق وأنْ قاله في هذا المجال: "إنَّه تاريخ يحجب عنَّا الحاضر وحقائقه ومقتضياته. وليس حجب الحاضر إلا طريقة لحجب المستقبل". إنَّ أدونيس بهذا الكلام لا يضيف شيئاً سوى أنْ يصف بعض المظاهر السطحيَّة لتردِّي الواقع العربيّ ثمَّ يقدِّم هذا الوصف باعتباره تفسيراً وعلَّةً لهذا التردِّي! أمَّا بالنسبة للتاريخ، فحتَّى لو افترضنا أنَّه "يحجب الحاضر" (وهذا افتراض غير صحيح بالطبع)، فإنَّه لا يفعل ذلك مِنْ تلقاء نفسه بل بقوَّة إرادة البشر الذين تنبثق إرادتهم ورغباتهم ونزعاتهم مِنْ ظروف حياتهم في الحاضر وليس من ظروف ومعطيات الماضي البعيد الذي لم يعيشوا فيه بالطبع.

ولكن، مِنْ ناحية أخرى، أيّ حاضر هذا هو الذي يحاول الناس أنْ يحجبوه أو بالأحرى يحاولون أنْ يهربوا منه؟ أليس هو حاضر الكيانات الكولينياليَّة المشوَّهة والمفروضة عليهم بخلاف إرادتهم ومصالحهم؟ أليس هو أيضاً هذا التوسّع غير المسبوق والنفوذ غير المسبوق للشركات متعدِّدة (ومتعدِّية) الجنسيَّة التي تحاول بالقوَّة أنْ تفرض إرادتها الاستغلاليَّة القهريَّة على شعوب العالم المختلفة ومِنْ ضمنها بالذات شعوبنا العربيَّة؟ إنَّ لدى أدونيس وهماً بالطبع يتمحور ضمناً حول إمكانيَّة "اللحاق" بالمراكز الرأسماليَّة الغربيَّة عن طريق الالتحاق بها. بيد أنَّ التاريخ أثبت حتَّى الآن أنَّ مثل هذا الطريق لا يقود إلا إلى المزيد من التهميش والانحطاط، ولم تنجح في تجاوز حاجز التهميش، هذا، سوى الشعوب التي سعتْ جديّاً لكسر معادلة الاستقطاب الحادّ في النظام الرأسماليّ الدوليّ بقوَّة إرادتها وبكفاحها وعانت مِنْ أجل ذلك وضحَّتْ إلى أنْ تمكَّنتْ في النهاية مِنْ تحقيق نهضتها.

وفي خاتمة مقاله ينحدر فكر أدونيس الأحاديّ السكونيّ بصورة منطقيَّة تماماً إلى خاتمته الطبيعيَّة، هو أيضاً؛ فيقع في حفرة الفكر الغيبيّ. وهكذا، فبينما هو يتحدَّث في الظاهر عن العلم والتفكير العلميّ كضرورة لا بدَّ مِنْ توفّرها مِنْ أجل تحقيق النهوض المنشود، يختتم قائلاً: "ألا يبدو، في هذا الإطار، أنَّ التاريخ الذي تكتبه السياسة العربيَّة، موالاةً ومعارضة، إنَّما هو تاريخ تكتبه المصادفات؟ ألا يبدو، تبعاً لذلك، أنَّه تاريخ لا معنى له، خارج المعنى الذي تحدِّده هذه المصادفات؟".

فأيّ تحليلٍ علميّ هذا الذي يستقيل مِنْ دوره في فهم وتحليل الظواهر ويكتفي بدلاً مِنْ ذلك بإعلان عجزه عن الفهم والتحليل، ثمَّ يقترح بعد ذلك أنْ يكون هذا الاستنكاف العقليّ هو الأسلوب الوحيد للفهم والتحليل؟!
تعليق واحد
إرسال تعليق

  1. ادونيس هذا ليس الا مثقف يريد ان ينهي حياته ب جائزة من الغرب لان هذه هي الموجة السائدة الان منذ نوبل السلام ل السادات ونوبل نجيب محفوظ والحبل على الجلرار كما يقولون
    ادونيس هذا نكرة لم يكن يوما مثقفا اصيلا وطنيا او قوميا
    حاول التحليف خارج اجوائة فلم يكن شيئا
    وهو الذي فصل من اتحاد الكتاب العرب 1995 ل مشاركنه في لقاء ادبي كان فيه اسرائليين
    طبعا انا اكتب وانا غاضبة جدا
    ولكنه اقل مما يستحق هذا المتحذلق الغير منتمي اصلا

    ردحذف

إعلان أسفل المقال