جاري تحميل ... مدونة سعود قبيلات

إعلان الرئيسية

«إنَّ بعض الأماكن الضَّيِّقة المحكمة الإغلاق قد يكون فضاؤه بلا حدود، وبعض الأماكن المفتوحة والفسيحة قد يكون بالغ الضِّيق وبلا فضاء ولا آفاق، وبعض الأماكن الخالية قد يكون أكثر ازدحاماً من الأماكن المكتظَّة. وإنَّ الصَّمت قد يكون أكثر صخباً من الضَّجيج، والضَّجيج قد يكون خالياً من الأصوات. وإنَّ القامة قد تكون متطاولة إلى حدّ أنَّها بالكاد تبلغ نعل حذاء، وقد تكون عالية إلى حدّ أنَّها تطاول رؤوس السنابل». مِنْ كتابي الموسوم «كهفي» - سعود قبيلات.

إعلان في أعلي التدوينة

القصة القصيرة عند سعود قبيلات لا تختلف عنها عند غيره من الكُتّاب مِنْ حيث كونها خطاب سرد ووصف، لكنَّها تختلف وبإصرار عنهم في كونها خطاباً سرديّاً ووصفيّاً يقوم على التَّداخل الصَّريح بين الواقعيّ والغريب باستدعاء المقروء وهي بذلك تنحاز إلى جانب الكتابة الإبداعيَّة المثقَّفة القائمة على النّصوص الإبداعيَّة والفكريَّة عبر تقنية كتابيَّة هامَّة تتمثَّل في إعادة الكتابة، وإعادة الصياغة البنائيَّة، وانفتاح المعنى على أبعاد مختلفة وذاتيَّة من التأويلات الخاصَّة، وتقوم على استحضار مشاهد ووقائع من الحياة الخاصَّة للكتاب الخارجيّ (الموضوعيّ)، إنَّ القصَّة القصيرة عند سعود قبيلات ببساطة هي إعادة كتابةٍ وصياغة جديدةٌ للحياة. 

تتميَّز الكتابة القصصيَّة عند سعود قبيلات بساردها المشارك غير المحايد الَّذي يوظِّف صراحة ضمير المتكلِّم، لكنَّه سارد مختلف عن السُّرَّاد العاديين كونه سارداً يشعر بالغربة في صحراء الحكي وطرقها السَّرديّة الملتوية، لذلك يستدعي في مفتتح السَّرد أحد الأعلام الأدبيَّة ليؤنس وحدته في تلك المتاهة الصَّحراء، كما في الأمثلة الآتية: 

«كنتُ أسير في المرج، أنا وكارل غوستاف يونغ، عندما اكتشفنا، فجأة، حفرة داكنة مستطيلة الشكل» ص (7)، 

«صحوت على صوت آرنست همنغواي، وهو يتحدَّث عن الحرب الأهليَّة الإسبانيَّة؛ قال شيئاً عن المتطوِّعين في الفيلق الأمميّ الَّذين قاتلوا إلى جانب الجمهوريين الإسبان» ص (17)، 

«كنتُ أسير في جنازة أحد أصدقائي، وأنا أتذكَّر مصدوماً أنَّني التقيت به صدفةً قبل مدَّة قريبة وأنَّه ألحَّ عليَّ آنذاك لكي أبقى معه، بعض الوقت، ونتبادل الحديث قليلا...» ص (25)، 

«أعيد فتح الأشباك في سجن المحطَّة، كالعادة، في حوالي السَّاعة الثانية بعد الظهر، بعد استراحة الغداء الَّتي استمرت، كالعادة أيضاً، من السَّاعة الثانية ظهراً. وكالعادة خرجتُ أنا وهاشم غرايبة إلى شبك (2) للقيام بنزهتنا اليوميَّة المعتادة في ساحته» ص (33)، 

«كُنّا نكمن خلف أحد متاريس الثَّورة بالقرب مِنْ قصر الشِّتاء في بتروغراد؛ ناديجدا كروبسكايا وألكسندرا كولنتاي وروزا لكسمبورغ وشخص فوضويّ مِنْ أتباع باكونين، كُنّا نسمِّيه الأميركيّ، لأنَّه قبل الثَّورة كان يعيش في أميركا، وأنا» ص (51)، 

«كنتُ وعرار جالسين نحتسي البيرة ونستمع إلى صوت فيروز في باحة فندق فيلادلفيا بالقرب من المدرَّج الرومانيّ في عمَّانَ. ومرَّ إبراهيم طوقان من الرَّصيف الواقع أعلى الباحة، فصاح به عرار» ص (61)، 

«كانت الشَّمس بلونها الفضّيّ البرَّاق تنحدر نحو الأفق الغربيّ، بينما كنتُ، أنا وغالب هلسا، جالسين عند الحافَّة الغربيَّة للهضبة الَّتي تقوم عليها قرية ماعين» ص (71)، 

«في العاشر مِنْ حزيران، من العام 1967، هبطنا، أنا وتيسير سبول معاً، إلى النَّهر» ص (85)، 

«وضعوا الجثمان في سيَّارة نقل الموتى وأغلقوا بابها عليه. أمَّا هو [يقصد مؤنس الرزَّاز] فقد صعد إلى جانبي في سيَّارتي، ورحنا نتبع السيَّارة الَّتي تقلُّ جثمانه وهي تغادر مستشفى الجامعة الأردنيَّة وتنحرف باتِّجاه شارع الصَّحافة» ص (95). 

تكاد تكون البداية (مفتتح المحكيّ السَّرديّ القصصيّ) عند سعود قبيلات نمطيَّة، لكنَّها تدلُّ في الحقيقة على اختيار فنّيّ ومنهجيّ في السَّرد، اختيار يتفرَّد به الكاتب عن غيره مِنْ كُتّاب القصَّة القصيرة، وتعيد طرح سؤال مفهوم القصَّة القصيرة على الدَّارس والنَّاقد، وحدودها الفنيَّة والجماليَّة. 

نفض سعود قبيلات في مجموعته القصصيَّة «الطيران على عصا مكنسة» عن القصَّة القصيرة وهم العظَمة والعبقريَّة الخارقة، وأعطاها حجمها الحقيقيّ، إنَّها طريقة في الحكي، وطريقة في التَّعبير عن مشاهد ومشاهدات من الواقع (الحياة العامَّة والشَّخصيَّة)، وهي استرجاع للمقروء (ثقافة الكاتب الموضوعيّ) بصورة التَّلقّي الشَّخصيّ (السَّارد: المعتقل السِّياسيّ، المثقَّف الاشتراكيّ)، إنَّها خطاب سرديّ ووصفيّ يتأرجح بين الخيال المجنَّح والواقع الصَّلب، ولذلك فهو (الكاتب/السَّارد) معجبٌ بطريقة سرد آرنست همنغواي السَّارد الهادئ الخالي من الانفعالات الزَّائدة والمزيَّفة الَّتي توهم بأنَّ الأدب شيء مختلف عن الواقع، وبأنَّ الأديب شخص متفرِّد ومختلف عن الإنسان العاديّ، وقد قدَّم السَّارد سرد آرنست همنغواي مِنْ خلال محكيّ تقريريّ (وأسلوب تحليليّ) كالآتي: «... والأهمّ مِنْ ذلك هو طريقة همنغواي في رواية القصّة؛ فقد كان يتحدَّث بصوتٍ عميق وهادئ، واصفاً المكان والأشخاص من الخارج على الأغلب، لكنَّه، في الوقت نفسه، كان يكشف بمهارة وبطريقة غير مباشرة عمّا يتفاعل في أعمق أغوار نفوس الأشخاص الَّذين يتحدَّث عنهم. ومع أنَّه كان يتحدَّث كما لو أنَّه لم يكن مهتمّاً البتّة بمَنْ كان يتحدَّث عنهم، أو ما كان يتحدّث عنه، إلا أنَّه استطاع أن يشحنني، مِنْ دون أن أفطن، بأقوى العواطف وأعمق الأحاسيس تجاه أولئك الأشخاص، كما استطاع أن ينقل إليَّ بقوَّة الأجواء النفسيَّة المرتبطة بالأماكن الَّتي كان يكتفي بوصفها من الخارج. وكانت لغته، بالإجمال، تبدو باردة، محايدة، رتيبة، ومقتصدة، لكنَّها كانت مع ذلك تمور بالعواطف الغزيرة المستترة خلف قشرة رقيقة» ص (18). 

إن تحيّز السَّارد لطريقة سرد همنجوي وتسجيله استهجان نجيب محفوظ للطَّريقة ذاتها («هذا الرَّجل ليس براوٍ أبداً» ص 18) يحمل دليلاً وإشارة على تقديم الحجَّة وعلى تقديم حكم قيمة يفرِّق بين نمطين من السَّرد الواقعيّ والتَّاريخيّ الرَّتيب والمتسلسل والمنطقيّ الَّذي يهتمّ بكلّ شيء ويسلّم عمليَّة السَّرد لساردٍ واحد عالم بكلِّ شيء وينفي عن الشَّخصيات الأخرى حقَّها في المشاركة وفي إبداء الرَّأي، أي أنَّه يرفض السَّرد التَّقليديّ وينتصر للسَّرد الخالي من «المحسِّنات» والمثقل بكثير من الصِّفات الَّتي تربط السَّرد بالتَّاريخ مِنْ جهة، وتربطه بالحقيقة المطلقة مِنْ جهةٍ أخرى، والسَّرد الهادئ المعتمد على الإيحاء، والسَّلاسة، والتَّعدد والمشاركة. 

يبدو سارد سعود قبيلات مهموماً بنظريَّة الأدب (نظريَّة القصَّة)، ويَسْبِقُ وَعْيُهُ النظريُّ (رؤيته الشخصية) تَخْيِيلَهُ الشخصيَّ (الإبداع القصصيّ)، ويتجلَّى ذلك عبر الحضور المكثَّف لشخوص الكُتّاب والكاتبات بالعربيَّة (هاشم غرايبة، تيسير سبول، مؤنس الرزَّاز، عرار، نجيب محفوظ، سميحة خريس، غالب هلسا، عبد الرحمن منيف...) وغيرها (ويليم فوكنر، فلاديمير ماياكوفسكي، غابريل غارسيا ماركيز، آرنست همنجوي، ناظم حكمت...)، وحضور فضاء فكريّ وسياسيّ وثقافيّ واحد (لينين وتروتسكي...)، وحضور التجربة الذاتيَّة (الاعتقال)، ومن مميِّزات طريقته في السَّرد؛ السَّارد الَّذي يخشى العزلة والَّذي لا يرغب في السَّيْرِ وحيداً في صحراء السَّرد (شعاب المخيّلة)، لكن هذه الطَّريقة في استحضار الأعلام في الأدب والسِّياسة تساهم في بناء الفضاء المتخيّل الَّذي يدخله القارئ دون وجل ودون تفكير مسبق، بل يجد القارئ نفسه في أجواء السَّبعينيَّات (في المغرب مثلاً): الأدب الملتزم، الصِّراع الاجتماعيّ، الاعتقال، السّلطة والمثقَّف، السِّياسيّ والثَّقافيّ، النِّضال، الحقّ، الثَّورة... ويقدِّم سارد سعود قبيلات هذه الأجواء كخلفيَّة للأحداث، وكخلفيَّة مؤطّرة للشّخوص الواقعيّة (الاسم العلم والوجود الحقيقيّ والشَّائع) والمؤثِّرة في الشَّخصيات القصصيَّة المتخيّلة أو الشَّخصيَّات «المضاعفة» للشّخوص (الوجود الافتراضيّ داخل التَّخييل النَّصيّ أو صورة السَّارد عن الشّخوص الواقعيَّة)... 

عموماً يكتب سعود قبيلات القصَّة القصيرة في مجموعته «الطَّيران على عصا مكنسة» بوعيٍ نظريّ، وبحافزٍ قويّ نحو خلق أسلوبٍ خاصٍّ في كتابة القصَّة القصيرة العربيَّة، وبتوظيفٍ ذكيّ للمقروء الأدبيّ، وبتوظيفٍ واعٍ وهادئ للأفكار والرؤى الشخصيَّة من الكتابة ومن الذَّات ومن العالم، وباستحضارٍ ممنهج وانتقائيّ للأعلام المعاصرين، وربَّما الَّذين كان لهم تأثير قويّ على تشكيل وعي الكاتب. سعود قبيلات في مجموعته هاته كاتبٌ مميّز ذو نفحات إبداعيّة خاصّة وخالصة اجتهد في رسمها وترسيخها، وقد نقَّاها مِنْ كلِّ الضَّجيج والخطابات المباشرة الَّتي تقضي على خصوصيَّة الكتابة القصصيَّة والكتابة الإبداعيَّة والأدبيَّة عامَّة. إنَّه كاتبٌ مميَّز وينبغي الاهتمام بلمسته في كتابة القصَّة القصيرة، فهي كتابة سلسة وهادئة لكنَّها عميقة وملتزمة بالمعنى الجماليّ والأدبيّ، تهتمّ بالإنسان في جوهره وحقيقته، كما أنَّها كتابة لا تضع حدوداً فاصلة بين الحكي الواقعيّ وبين الحكي الغريب. 

******* 

تتميَّز الكتابة القصصيَّة عند سعود قبيلات باختراقها للحدود الفاصلة بين الواقعيّ (المحكيّ المحايث لزمن القصّة) وبين الغريب (وهو غير العجائبيّ والخرافيّ)، ومِنْ أشكال الاختراق الحدوديّ بين هذين النَّوعين من الوعي ومِنْ أشكال التَّعبير، ومِنْ أنماط السَّرد القصصيّ كذلك؛ 

+ الانتقال مِنْ مكانٍ إلى آخر دون حاجة إلى مبرِّرات أو تقديم مؤشِّرات تمهيديَّة للقارئ تساعده على الفهم أو تتبّع خيط واضح لقصّة تقليديَّة منتظم ومتسلسل ومنطقيّ، كما في السِّياق المقتطف الآتي: «... كان ذلك ناظم حكمت. ورغم الألفة الَّتي شعرنا بها تجاهه، ورغم أنَّه أشعرنا على الفور بانَّنا في بيتنا (أعني في سجننا)، إلّا أنَّ هاشم شعر بأنَّه يجب أن يوضِّح له أسباب مجيئنا المفاجئ. قال: كُنّا، أنا ورفيقي ماجد نتمشَّى في سجن المحطَّة في عمَّانَ، وبينما نحن منهمكين في الحديث لم ننتبه إلّا وقد أصبحنا في سجن بورصة. إنَّها مناسبة جميلة أن نراكم يا رفيق ناظم» ص (39). إنَّ المسافة الفاصلة زمنيّاً والمساحة الفاصلة مكانيّاً لم يعد لهما أيّ معنى قار وواضح، بل هما مجرَّد افتراضٍ متواضع عليه، وقد زال وتلاشى في فضاء القصَّة القصيرة عند سعود قبيلات، ولم يبق هناك سوى الوجود الهلاميّ في الكلام وفي مقترح مخيّلة الكاتب أو محكيّ السَّارد. 

وأكثر السِّياقات السَّرديَّة استفاد مِنْ هذه الوضعيَّة الملتبسة للحدود الفاصلة بين الزمان والمكان وضعيَّة «روزا لكسمبورغ» كما يلي: «... ولنأتِ إلى روزا لكسمبورغ. لقد استغربتُ وجودها معنا خلف متراس بتروغراد؛ فقلت لها: كنتُ أظنّ أنَّكِ سجينة في سجن قلعة فرونكة في ألمانيا. 

قالت: لا أزال كذلك. وكما تعلم فأنا أدخل السّجون وأخرج منها باستمرار؛ إلى حدّ أنَّ الأمر اختلط عليَّ ما بين السِّجن وبين البيت» ص (54). 

+ الجمع بين كُتّاب وكاتبات لم يجتمعوا أبداً في الواقع المعيش لاختلاف الفترات الزمنيَّة الَّتي عاشوها، أو لاختلاف وتباعد البلدان الَّتي عاشوا فيها ولاختلاف اللغات الَّتي كتبوا بها ثمَّ لوفاة بعضهم قبل ولادة بعضهم الآخر بزمنٍ ليس باليسير. 

+ منح بعض الشَّخصيَّات فرصة الالتقاء بقرينها في عالم الخيال والإبداع، أي منحها فرصة اختراق الشَّرط الإنسانيّ القاهر والمتمثِّل في حدود الزَّمان والمكان، وفي سلطة الجسد الماديّ الَّذي يفرض على الكائن الحيّ التواجد في مكان وزمان واحد وليس أكثر، كما فعل مثلاً بشخص الكاتب مؤنس الرزَّاز، الَّذي تابع مراسيم جنازته كما يرد في هذا السِّياق: «وضعوا الجثمان في سيَّارة نقل الموتى وأغلقوا بابها عليه. أمَّا هو فقد صعد إلى جانبي في سيَّارتي، ورحنا نتبع السيَّارة الَّتي تقلّ جثمانه...» ص (95)، كيف يتابع الميِّت جثمانه إلّا إذا كان قد «تناسخ» وحلَّ في ذاتٍ أخرى غير الَّتي كان بها سابقا، أي كيف يتابع الميِّت جثمانه إذا لم يكن منشطراً إلى ذاتين، يمكنه ذلك فقط إذا كان بوجودين مختلفين، منحهما له خيال الكاتب الخصب، وأسلوبه المنتقى في رسم الحقيقة و«اللاحقيقة»؛ حقيقة «موت» مؤنس الرزّاز و «لا موت» مؤنس الرزَّاز كما في لاوعي الكاتب/السَّارد. إنَّه مظهر سلوكيّ معتاد عند الكثير من النَّاس فيما يتعلَّق بفقدان الأحباب، أو كما هو وارد في «علم الخوارق» الَّذي لا يؤمن مطلقاً بالحواجز الفاصلة بين الحياة قبل الموت والحياة بعد الموت أو إيمان علمائه بقوّة حضور الأرواح واستحضارها. القصّة القصيرة مِنْ هذه الوجهة عالم غريب وساحر كلّ شيء ممكن فيه ولا شيء ثابت على حاله. 

*** 

ما هي الموضوعات التي تؤثث الفضاء القصصيّ عند سعود قبيلات في «الطيران على عصا مكنسة»؟ 

يمكن اختزالها على الصّورة التَّالية؛ 

+ موضوعات الأدب والفكر (الاختلاف بين طرائق السَّرد، الفرق بين كارل يونغ وسيغمون فرويد...). 

+ تداخل الواقعيّ بالخيال الغريب، وتدمير الحدود بينهما. 

+ الانتقال بين الشّخوص والشَّخصيات القصصيَّة. 

+ الفكر الاشتراكيّ والأحلام المجهضة. 

+ الاعتقال السِّياسيّ والتّفكير الإيجابيّ في أدب السّجون

+ «الخيبة المبهجة»، وهي الموضوعة الأمّ المهيمنة. وهي أيضاً إحالة جميلة ومهذَّبة على عبارة غوركي «تجميل المأساة» كما أنَّها تعبير جميل يحيل على عبارة فرويد «الغرابة المقلقة»، وهكذا. 

إنَّ القصَّة القصيرة عند سعود قبيلات حقلٌ خصب تتفاعل فيه الكثير من الموضوعات وتتصارع فيه الكثير من القيم، ويمجّد فيه الإنسان كتجربة ومعاناة وكصداقة حميمة وفيّة ومخلصة. إنَّها كتابة جادَّة وعلامة مميّزة تستحقّ منّا وقفات متأمّلة وعميقة حتّى نتمكَّن مِنْ إعطائها ما تستحقّ من الاهتمام بما يثري مدوَّنة السَّرد العربيّ المعاصر، وبما يعترف لصاحبها بالتميّز والاجتهاد. 
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 

محمد معتصم - سلا - المغرب - 2- 7- 2011م 

قبيلات، سعود: الطيران على عصا مكنسة. منشورات دار أزمنة، ط 1، 2008م
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

إعلان أسفل المقال