جاري تحميل ... مدونة سعود قبيلات

إعلان الرئيسية

«إنَّ بعض الأماكن الضَّيِّقة المحكمة الإغلاق قد يكون فضاؤه بلا حدود، وبعض الأماكن المفتوحة والفسيحة قد يكون بالغ الضِّيق وبلا فضاء ولا آفاق، وبعض الأماكن الخالية قد يكون أكثر ازدحاماً من الأماكن المكتظَّة. وإنَّ الصَّمت قد يكون أكثر صخباً من الضَّجيج، والضَّجيج قد يكون خالياً من الأصوات. وإنَّ القامة قد تكون متطاولة إلى حدّ أنَّها بالكاد تبلغ نعل حذاء، وقد تكون عالية إلى حدّ أنَّها تطاول رؤوس السنابل». مِنْ كتابي الموسوم «كهفي» - سعود قبيلات.

إعلان في أعلي التدوينة

سعود قبيلات ▣
أبعد من الحادث الخطير لاغتيال سليماني والمهندس
بدايةً، في ما يخصّ استخدام أسلوب الاغتيال في العمل السياسيّ..

اغتالت «إسرائيل» عبّاس الموسويّ، ثاني أمين عامّ لحزب الله في تاريخ 16 شباط/فبراير 1992. آنذاك، كان قد مرَّ على انتخابه لهذا المنصب أقلّ مِنْ عامّ (أُنتُخِبَ في أيَّار/مايو 1991).

فماذا كانت النتيجة؟

قبل دفن الشهيد الموسويّ، أُعلِنَ عن انتخاب حسن نصر الله أميناً عامّاً لحزب الله. فكان قائد المقاومة الجديد زعيماً كاريزميّاً، يمتلك وعياً سياسيّاً متقدّماً، ويتمتّع برباطة جأش استثنائيّة، ويتميّز بوضوحٍ في الرؤية وثبات في الموقف وتمسّك شديد بالمبادئ ودقّة في الخطاب وصدقيّة عالية.

وتحت قيادة نصر الله تمّ تحرير جنوب لبنان من الاحتلال الصهيونيّ، وفُرِضَتْ معادلة الردع على «إسرائيل» بعد حرب تمّوز في العام 2006؛ حيث في سابقة كانت الأولى مِنْ نوعها في الصراع العربيّ الصهيونيّ، لم تتمكَّن «إسرائيل» طوال 34 يوماً من احتلال أيَّة أرض لبنانيّة، وفوق ذلك تكبَّدتْ خسائر فادحة في المعدّات والنفوس.

اغتيال قادة المقاومة (أو حتَّى قادة المعارضات السياسيّة)، هو فعل عبثيّ في الغالب ويرتدّ على صاحبه. لأنَّه يستند إلى رؤية قاصرة فحواها أنَّه يمكن إنهاء حركة مقاومة (أو معارضة) بإزاحة شخص قائدها من الطريق. لكن، ما يؤدِّي إليه ذلك، في الواقع، هو منح هذه الحركة مسحة سحريّة طاغية تجعلها أكثر جاذبيّة وأكثر قابليّة للانتشار والتأثير.

لقد تمّ اغتيال الثائر الأمميّ تشي جيفارا في 9 تشرين الأوَّل/أكتوبر من العام 1967، فتحوَّل منذ ذاك إلى أيقونة أسطوريّة جليلة للثوّار، بل للشعوب، في مختلف أنحاء العالم.

إنَّ عمليّات الاغتيال يمكن أنْ تنجح في صراعات عصابات المافيا فقط؛ حيث يمكن لإحداها أنْ تفوز على أخرى منافسة لها بتصفية قائد هذه الأخيرة.. ما يؤدِّي إلى انفراط عقدها وفوز العصابة التي نجحت في تنفيذ عمليّة الاغتيال.

أمّا في السياسة، وخصوصاً في حالة المقاومة أو المعارضة، فالقائد هو حصيلة ظرف اجتماعيّ اقتصاديّ سياسيّ ثقافيّ معيَّن، واغتياله لا يُنهي الظرف الذي أنتجه، بل إنَّه ينقله مِنْ نطاق الواقع المحدود إلى سحر الأسطورة الذي لا حدود له. وهذا وضع لا تستطيع كلّ وسائل الاغتيال أنْ تتغلَّب عليه وتنهيه.

ونأتي إلى عمليّة اغتيال الشهيدين: اللواء قاسم سليماني، وأبو مهدي المهندس..

هل الأميركيّون على قدر من السذاجة بحيث يغيب عنهم أنَّ هذه العمليّة لن تحلّ أيّة مشكلة مِنْ مشاكلهم، بل ستزيدها تفاقماً وتعقيداً، وتهدّد بتصعيدها إلى حدودٍ خطرة؟

وهنا، يمكن ملاحظة أنَّ الأميركيين قد أقدموا على هذه الخطوة الهوجاء بينما هم يخسرون باستمرار: خسروا في سوريا، وخسروا في لبنان، وخسروا في اليمن، ومن الواضح أنَّهم في طريقهم إلى الخسران في العراق، وإضافة إلى هذا، فالأنظمة التابعة لهم تعيش أحوالاً صعبة وهي مرشَّحة لأحوالٍ أكثر صعوبة في المدى المنظور. أمّا «إسرائيل»، ربيبتهم المدلَّلة، فقد دخلتْ، منذ حرب تمّوز في العام 2006، في مرحلة أزمة وجوديّة مستعصية. وفوق هذه الخسائر كلّها، وأهمّ منها، فإنَّهم يخسرون تكنولوجيّاً واقتصاديّاً أمام الصين التي تصعد بثبات لتتبوّأ المرتبة الأولى في الاقتصاد العالميّ.

والخاسر، عندما يرى أنَّ كلّ الظروف والأحوال المحيطة به تبشّره بالمزيد من الخسران، يطغى عليه ميلٌ قويّ للمراهنة بكلّ شيء على أمل أنْ يُعدِّل ذلك أحواله، وإلا فـ«عليَّ وعلى أعدائي». وفي المقابل، فإنَّ إيران، بينما هي تعيش في حالة حصار واستهداف أميركيّ دائمين، ليس لديها ما تخسره. وهذه معادلة خطيرة تنذر بأسوأ العواقب والاحتمالات.

وهنا، لا يسعني إلا أنْ أتذكَّر بعض ما جاء في مقالٍ نشر في تاريخ 21/10/2014 على موقع «نادي إزبورسك»، الذي يضمُّ نخبةً من الخبراء الروس المهتمّين بسياسات روسيا الداخليّة والخارجيّة. وقد نُشِرَت في حينه ترجمه عربيّة لهذا المقال (عن الروسيّة) بقلم ياسر قبيلات بعنوان «هل الحرب العالميّة الثالثة أمرٌ لا مفرَّ منه؟ سياسيّ روسيّ بارز يتنبّأ بأحداث عقدٍ مقبل». أمّا كاتب المقال فهو سيرجي جلازييف(1) مستشار الرئيس الروسيّ فلاديمير بوتين لشؤون التكامل الاقتصاديّ الإقليميّ. وهو أيضاً برلمانيّ وسياسيّ روسي بارز وأحد أبرز الخبراء الاستراتيجيين الذين تعتمد عليهم السياسة الروسيّة.

في هذا المقال يؤكِّد جلازييف أنَّ مخاطر نشوب حرب عالميّة ثالثة سوف تبقى ماثلةً ما دامت الحكومة الأميركيّة تواصل سعيها الى الهيمنة العالميّة. ويرى أنَّ «إنَّ الولايات المتّحدة تندفع نحو حرب عالميّة ثالثة بفعل الضغط الموضوعيّ الذي ينجم عن طبيعة الديناميّات الاقتصاديّة والسياسيّة العالميّة».

وبرأيه، سيكون العامل الرئيس المسبّب للصراع هو الطفرة التكنولوجيّة التي توقَّع حدوثها خلال الأعوام 2015 و2018، وبناء عليها سيكون السبق في المنافسة الاقتصاديّة والعسكريّة.

ثمّة خبير استراتيجيّ روسيّ آخر، هو شامل سلطانوف(2)، تحدَّث هو الآخر عن إمكانيّة وقوع حرب عالميّة ثالثة بسبب ما يسمِّيه الصراع على تكنولوجيا الجيل السادس. ويقول: «لقد دخلنا في المنطقة الحدوديّة التي تربط بين الحاضر وبين القادم من المستقبل - الجيل التكنولوجي السادس، الذي بدأت معالمه التهديديّة تظهر بالفعل، في مكانٍ ما...»(3)

ثمّ يُعرِّف هذا الجيل التكنولوجيّ قائلاً: «الجيل التكنولوجي السادس – هائل، وشامل، وممنهج، ويقوم على عمليّات تطوير واسعة النطاق وتطبيق للتكنولوجيات المتقدّمة، و"التكنولوجيات الفائقة". ويستند في أساسه على التكنولوجيا الحيويّة، والهندسة الوراثيّة، وشبكات المعلومات الذكيّة، والـمُوصِلات الفائقة، والطاقة النظيفة، وتكنولوجيا النانو، وتكنولوجيّات الأغشية والكم، والضوئيّات، والميكانيكا الدقيقة، والطاقة الانصهاريّة».

وبرأيه، «إذا تمّ الحفاظ على الوتيرة الحاليّة لعمليّات التطوير التكنو- اقتصاديّة للجيل التكنولوجيّ السادس، فإنّه سيكون جاهزاً على نحوٍ أو آخر في العام 2025، ويبلغ مرحلة النضج في عقد الأربعينيّات المقبل».

ويتابع سلطانوف قائلاً: «وعلاوة على ذلك، فإنَّ التحوّل إلى بنية تكنولوجيّة جديدة ليس مجرّد تغيير في النموذج التكنو – اقتصاديّ؛ بل هو تحوّل جذريّ في البنى الاجتماعيّة والأيديولوجيّة، والسياسيّة، فضلاً عن أنّه يعني ظهور نماذج جديدة لشكل وبنية المجتمع نفسه، تتناسب بهذه الدرجة أو تلك مع "كم التكنولوجيا" الجديدة، ويعني كذلك ظهور نماذج جديدة كليّاً من العلاقات الاجتماعيّة والسياسيّة، وتَشَكُّل نوعٍ جديدٍ تماماً مِنْ نمط الشخصيّة الإنسانيّة (ليس بالضرورة أكثر كمالاً).. إلخ».

ما يعني، في الواقع، برأيه، «ثورة جذريّة حقيقيّة، واسعة النطاق، تطال النظام الاقتصاديّ الاجتماعيّ نفسه، وتمتدّ مِنْ خمسة عشر إلى عشرين سنة. وربما لفترةٍ أطول».

والدولة، أو المجموعة الدوليّة، التي تكسب السباق في هذا المجال، ستتبوّأ سدّة الهيمنة الدوليّة إلى أمدٍ طويلٍ.

ونعود إلى مقال «جلازييف»، مستشار الرئيس الروسيّ..

يتوقَّع جلازييف أنَّ الصراع حول ما يسمِّيه «النظام التكنولوجيّ الجديد»، «سوف يستمر حتّى الأعوام 2020 – 2022، حينما تتبلور أخيراً بنية النظام التكنولوجيّ الجديد».

ولمواجهة خطر الحرب العالميّة، يدعو جلازييف إلى تشكيل ائتلافٍ دوليٍّ واسعٍ يتكوَّن مِنْ دولٍ وهيئات اجتماعيّة ومجموعاتٍ ثقافيّة ومدنيّة. «والشرط الهامّ (برأيه) لنجاح هذا الائتلاف، هو حرمان الولايات المتّحدة من احتكار الهيمنة الأيديولوجيّة عن طريق الفضح المتواصل للطبيعة غير الإنسانيّة لهذه الهيمنة والعواقب الكارثيّة لما قادت إليه مِنْ تدخّلات وعدوان».

ويرى جلازييف أنّه من الضروريّ في هذا المجال «تدمير صورة الأميركيّ الذي لا يُقهر، وفضح الاستهتار والخداع اللذين يمارسهما القادة الأميركيّون، والنتائج الوخيمة لسياستهم التي تذهب إلى الكيل بمكيالين، وعدم كفاءة وجهل المسؤولين والسياسيين الأميركيين».

ومِن بين الأطراف التي يدعو جلازييف أنْ يشملها هذا الائتلاف، يلفتُ النظر ما يلي: «يمكن أن تكون من بين الحلفاء المؤثّرين، في إنشاء هذا التحالف المناهض للحرب، المؤسَّسات الدينيّة المعارضة لإشاعة عبادة الإباحيّة والفساد، وتقويض مؤسّسة الأسرة والقيم الإنسانيّة الأخرى».

ويبرِّر ذلك بقوله: «هذه المؤسسات يمكنها أن تساعد المشاركين في التحالف على تطوير وتقديم أيديولوجيا موحّدة جديدة للعالم، تنبع من استعادة القيود الأخلاقيّة التي تمنع الحطّ من الإنسانيّة».

ومِنْ واجبات هذا الائتلاف الأخرى، برأيه، العمل مِنْ أجل «تقويض الجبروت السياسيّ والعسكريّ للولايات المتّحدة المبنيّ على أساس نفوذ الدولار كعملة عالميّة».

ويضيف قائلاً: «وفي حالة استمرار الأعمال العدوانيّة الأميركيّة لإشعال الحرب العالميّة، ينبغي أن تشمل هذه الخطوات الامتناع عن استخدام الدولار في التجارة الدوليّة، والعزوف عن التعامل بأدوات وصكوك الدولار الأخرى في بناء الاحتياطات من العملة الأجنبيّة».

وليس بعيداً عن هذا مشهد المناورات الإيرانيّة الروسيّة الصينيّة التي جرت في الفترة الواقعة ما بين 27 كانون الأوَّل/ديسمبر 2019 وبين 30 كانون الأوّل/ديسمبر 2019. أي قبل أيّام فقط مِنْ وقوع جريمة اغتيال سليماني والمهندس. وقد امتدَّ ميدان هذه المناورات على مساحة حوالي 17 ألف كيلومتراً في المحيط الهنديّ «تتضمن المضائق المهمّة الثلاث، وهي باب المندب ومالاغا وهرمز» بحسبِ تقريرٍ لـCNN.

وبحسب مساعد قائد القوات البحريّة الإيرانيّة لشؤون العمليّات، الأدميرال غلام رضا طحاني، فإنَّ هذه المناورات ستتكرَّر خلال الأعوام القادمة أيضاً.

 لقد أنهتْ هذه المناورات الهيمنة الأميركيّة الأحاديّة على منطقة الخليج العربيّ والمحيط الهنديّ. وممّا له دلالة بليغة، أنَّها جرت هناك في حين فشلت الولايات المتّحدة في تشكيل القوّة البحريّة المشتركة التي لوّحتْ بتشكيلها قبل أشهر قليلة لتثبيت هيمنتها في تلك المنطقة.

خلال السنوات القليلة الماضية، سعت الولايات المتّحدة بكلّ جدّ إلى مدّ أذرعها نحو حدود روسيا عبر أوكرانيا، وإلى محاصرة الصين بالعديد من القواعد العسكريّة، وراحت تركّز قوّتها الأساسيّة في منطقة جنوب شرق آسيا. فالصين الآن، في حسابات الولايات المتّحدة، هي التهديد الأوّل الذي يواجهها بسبب صعودها الاقتصاديّ الهائل. ولذلك، فكما جرت العادة في كلّ صراعات الولايات المتّحدة السابقة، اشتغلت ماكينة الدعاية الأميركيّة وتوابعها، مؤخَّراً، بكامل قوّتها، ضدّ الصين في موضوع الآيغور، وبدأ الاحتياطيّ الإسلامويّ الجاهز غبّ الطلب لخدمة الخطط الأميركيّة بتطويب الصين كعدوٍّ للمسلمين.  ولكن، في مقابل هذا، نجد أنَّ الصين قد خرجت بقوّتها العسكريّة مِنْ حدودها الوطنيّة ومِنْ محيطها الإقليميّ إلى مناطق الهيمنة الأميركيّة البعيدة والحيويّة. وهذا بعد خروجها الهائل بقوّتها الاقتصاديّة.

وعلَّق مسؤول في وزارة الخارجية الأميركيّة على هذه المناورات قائلاً إنَّه «ليس هذا هو الوقت المناسب للحكومات لإجراء أيّ مناورات عسكريّة مع هذا النظام (إيران). نعتقد أنَّ هذا هو الوقت المناسب لفرض عقوبات على القيادة الإيرانية لانتهاكاتها حقوق الإنسان».

وأعلن قائد القوّات البحريّة الإيرانيّة، الأدميرال حسين خانزادي، أنَّ الولايات المتّحدة حاولت التشويش على المناورات وإيجاد خلل فيها، ولكن تمّ إحباط هذه المحاولة واضطرّت الولايات المتّحدة – بحسب قوله – لـ«الخروج مِنْ منطقة التدريبات والتنصّت عليها عبر طائرات التجسّس».

وقد اعتبر العديد من الخبراء والمتابعين هذه المناورات دعماً واضحاً من الصين وروسيا لإيران في صراعها مع الولايات المتّحدة وأتباعها في المنطقة.

ووصفت صحيفة جلوبال تايمز الصينيّة الحكوميّة في مقالٍ نُشِرَ فيها المناورات بأنّها «رسالة إلى أميركا، وأنَّها ترفع مِنْ قدرات الصين للردّ على التحدّيات الأمنيّة في المحيطات البعيدة وتدعم الاستقرار في الخليج في ظلّ تصاعد التوتّر فيه».

فهل يمكن النظر إلى إقدام الولايات المتّحدة على المخاطرة باغتيال سليمانيّ والمهندس بعيداً عن هذا الأجواء والتطوّرات الجارية في المنطقة والعالم؟

وردّاً على اغتيال سليماني والمنهدس، نقلت وكالة أنباء «سبوتنيك» الروسيّة عن رئيس لجنة الشؤون الدولية في مجلس الاتّحاد الروسيّ، قسطنطين كوساتشيف، وصفه لهذه العمليّة بأنَّها تدمير لنظام القانون الدوليّ الحاليّ الذي أنشئ بعد الحرب العالميّة الثانية، محذّراً بأنَّ ما «سيحدث في المستقبل، في حال لم يتمّ إيقاف تدمير الولايات المتّحدة للقانون الدوليّ، يُرسل الجنود الأميركيّون إلى منطقة النزاع (أيّ منطقة في العالم) ثمّ يصنّف خصومهم على أنّهم إرهابيّون ويقضون عليهم فهم يعتبرون أن قضيّتهم مقدّسة...».

وفي هذا إشارة إلى أنَّ العقليَّة التي تحكم القرار الأميركيّ بالعدوان على الآخرين هي عقليّة «الجهاد المقدَّس» نفسها التي تحكم الإرهابيين التكفيريين. ولا مبالغة في ذلك، فبوش الابن عندما وجَّه قوّاته لاحتلال العراق، زعم أنَّه ينفِّذ أمراً إلهيّاً!

بالنسبة لكاتب هذه السطور، معيار الحكم على المشتغلين بالعمل السياسيّ عموماً هو مدى عدائهم للإمبرياليّة والصهيونيّة وتوابعهما ومدى عداء هذه لهم. واغتيال اللواء قاسم سليماني وأبي مهدي المهندس، على يد القوّات الأميركيّة، هو أبلغ شهادة لصالحهما تؤكّد وقوفهما في الخندق الصحيح.

لقد اغتال الأميركيّون هذين القائدين أخيراً، فماذا حدث بعد ذلك؟

العالم كلّه، الآن، يحبس أنفاسه بانتظار الردّ الذي لا شكّ في أنَّه سيأتي وسيكون بحجم الجريمة التي اقترفتها الولايات المتّحدة.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) سيرجي جلازييف: اقتصاديّ وسياسيّ روسيّ بارز. وهو وزير سابق للعلاقات الاقتصاديّة الخارجيّة، استقال في تشرين الأوَّل/أكتوبر 1993 احتجاجاً على فضّ يلتسين مجلس النواب بالقوّة. وهو أيضاً نائب في مجلس الدوما لثلاث دورات، ونائب الأمين العامّ للمجموعة الاقتصاديّة الأورو آسيويّة (منظّمة تضمّ تسعاً مِنْ جمهوريّات الاتّحاد السوفيتيّ السابق)، وعضو أكاديميّة العلوم الروسيّة. ويعمل منذ 2012 مستشاراً للرئيس فلاديمير بوتين لشؤون التكامل الاقتصاديّ الإقليميّ. كما أنَّه كان على رأس المسؤولين الروس الذين وردت أسماؤهم في قوائم العقوبات الأميركيّة والأوروبية.

(2) شامل سلطانوف: مؤرّخ روسيّ أوزبكيّ الأصل. وكاتب مشتغل بالفلسفة وناشط اجتماعيّ وسياسيّ ومهتمّ بتطوير العلاقات الروسيّة مع العالمين العربيّ والاسلاميّ. رئيس مركز روسيا والعالم الإسلاميّ للدراسات الاستراتيجيّة. وعضو نادي ايزبورسك. تخرّج مِنْ معهد موسكو الحكوميّ للعلاقات الدوليّة التابع لوزارة الخارجيّة. عمل لسنواتٍ طويلة في المعهد نفسه في مختبرات تحليل نظام العلاقات الدوليّة. تخصَّص في علم الصراعات والأمن الدوليّ والإقليميّ. عضو مجلس الدوما (مجلس النوّاب الروسيّ) لدورة واحدة (2003).


(3) جميع الاقتباسات المنسوبة إلى شامل سلطانوف، مأخوذة مِنْ مقالٍ له نُشِرَ بالروسيّة، وترجمه ياسر قبيلات في حينه إلى العربيّة بعنوان «الجيل التكنولوجي السادس 1: حرب كونية أم ثورة عالمية؟». ونُشِرَتْ الترجمة في هذه المدوَّنة (مدوَّنة سعود قبيلات) على حلقات.
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

إعلان أسفل المقال