جاري تحميل ... مدونة سعود قبيلات

إعلان الرئيسية

«إنَّ بعض الأماكن الضَّيِّقة المحكمة الإغلاق قد يكون فضاؤه بلا حدود، وبعض الأماكن المفتوحة والفسيحة قد يكون بالغ الضِّيق وبلا فضاء ولا آفاق، وبعض الأماكن الخالية قد يكون أكثر ازدحاماً من الأماكن المكتظَّة. وإنَّ الصَّمت قد يكون أكثر صخباً من الضَّجيج، والضَّجيج قد يكون خالياً من الأصوات. وإنَّ القامة قد تكون متطاولة إلى حدّ أنَّها بالكاد تبلغ نعل حذاء، وقد تكون عالية إلى حدّ أنَّها تطاول رؤوس السنابل». مِنْ كتابي الموسوم «كهفي» - سعود قبيلات.

إعلان في أعلي التدوينة

سعود قبيلات ▣
الأمازيغي.. حارس المعبد
روى بعض أعضاء الوفد الأردنيّ العائد مِنْ مهرجان الشباب العالميّ، الذي انعقد في كوبا عام 1979، أنَّه عند التقائه ببعض الأعضاء اليساريّين في الوفد الجزائريّ، فوجئ بهم يوزِّعون بحذر وتكتُّم كُتب الأديب الجزائريّ المعروف الطاهر وطَّار.

أبدى الأردنيُّون استغرابهم لسلوك رفاقهم الجزائريّين؛ إذ كان وطَّار آنذاك أديباً معروفاً في العالم العربيّ كلّه، وكان عدد مِنْ كتُبه (وخصوصاً روايته «اللاز» التي تتحدَّث عن الثورة الجزائريَّة ضدَّ الفرنسيّين) قد طبع في لبنان والعراق، بل وفي فلسطين المحتلَّة أيضاً، ووُزِّع في مختلف أنحاء العالم العربيّ، وقبل هذا وذاك كان الطاهر وطَّار معروفاً بأنَّه عضوٌ بارز في حزب السلطة «جبهة التحرير الوطنيّ الجزائريَّة»، منذ أيَّام الثورة على الاستعمار الفرنسيّ.

 وأوضح الجزائريُّون  لرفاقهم الأردنيين بأنَّ هذا هو حال اليساريّين بوجه عامّ في الجزائر، آنذاك، ومِنْ ضمنهم الطاهر وطَّار، الذي كان يمثِّل في حينه الاتِّجاه الماركسيّ في الجبهة الحاكمة مٍنْ دون أن يعلن هويَّته الفكريَّة. وكانت السلطات تستشعر توجُّهاته المغايرة للتوجّهات الرسميَّة، وتلمس بعض مواقفه السياسيَّة المعارضة؛ ولذلك كانت تحاول أن تجعل نشاطه محصوراً دائماً وقيد ضبطها وإشرافها ومتابعتها. 

وضمن هذا التوجُّه، كانت السلطات تميِّز بين أن تُطبع بعض كتب الطاهر وطَّار في الجزائر وتُوزَّع بوساطة الجهاز الرسميّ، وفي الحدود التي ترى أنَّها قد تخدم السلطة، أو على الأقلّ لا توقع بها ضرراً بيِّناً، وبين أن ترى بعض الشباب يتطوَّعون لتوزيعها مِنْ تلقاء أنفسهم، وهو ما كان يعدُّ بالنسبة لها مؤشِّراً واضحاً على تحزُّبهم حول ما تتضمَّنه تلك الكتب مِنْ أفكار واتِّجاهاتٍ ناقدة، الأمر الذي كان يثير شكَّها وقلقها، ويستعديها على الذين يمارسون مثل تلك المبادرات.

وسرّ هذه المفارقة اللافتة في شخصيَّة الطاهر وطَّار وكتابته وعلاقته بالسلطة، لا يعرفه إلا مَنْ تتبَّع تاريخه الكفاحيّ والسياسيّ وقرأ أدبه واطَّع على دوره الثقافي؛ فالطاهر وطَّار لم يكن يوماً ممَّن يسلِّمون بالولاء الأعمى للسلطة؛ أيَّة سلطة، بما في ذلك سلطة حزبه. فعندما انضمَّ إلى الثورة ضدَّ الاستعمار، اختار أن يمثِّل في إطارها وجهة النظر الناقدة، وفي عهد أحمد بن بلَّة واصل دوره الناقد أيضاً، فأُغلقت له، تباعاً، صحيفتان؛ هما: «الأحرار» و«الجماهير».

وحين انقلب الهواري بومدين على عهد أحمد بن بلَّة عارض الطاهر وطَّار ذلك الانقلاب والسلطة التي ترتَّبت عليه، ولكنَّه ظلَّ حريصاً على أن يمارس معارضته تلك من الداخل؛ مثلما كان يفعل في عهد أحمد بن بلَّة؛ وذلك لأنَّ هذين العهدين قد حافظا، في اتِّجاهاتهما وممارساتهما، على العديد من الخطوط الأساسيَّة المشتركة مع اليسار الجزائريّ والعربيّ والعالميّ.

ولكن، في أعقاب وفاة الهوَّاري بومدين، دار صراع ملحوظ بين الجناح اليساريّ في الحزب الحاكم، ممثَّلاً بمحمَّد صالح يحياويّ، وبين الجناح اليمينيّ، ممثَّلاً بوزير الخارجيَّة، آنذاك، عبد العزيز بوتفليقة، حيث آلت السلطة في النهاية إلى العقيد الشاذليّ بن جديد، قائد الحامية العسكريَّة للجزائر العاصمة في حينه.

وانحاز الرئيس الجديد بصورة كاملة إلى اليمين؛ بل إنَّه ما لبث أن تجاوز رموز اليمين القديم كلَّهم (وفي مقدِّمتهم، بوتفليقة) في عمق اتِّجاهاته اليمينيَّة. ومثلما فعل أنور السادات، أنعش الشاذليّ بن جديد الاتِّجاهات الدينيَّة. وبعدئذٍ (عام 1984)، أصبح الطاهر وطَّار خارج صفوف حزب السلطة (جبهة التحرير الوطنيّ الجزائريّة)، ووجد نفسه للمرَّة الأولى معارضاً للنظام مِنْ خارجه.

على أيَّة حال، في أواخر سني حياته دارت، في الساحة الأدبيَّة والثقافيَّة الجزائريَّة، رحى معارك أدبيَّة حامية الوطيس، كان هو محورها (مرغماً). وقد شملتْ دائرة المشاركين في تلك المعارك طيفاً واسعاً من الفرنكوفونيّين، ومن الأدباء والمثقَّفين المحسوبين على السلطات، وبعض الذين غيَّروا هويَّتهم الفكريَّة والسياسيَّة وأصبح هاجسهم المقيم هو تصفية حساباتهم مع ماضيهم اليساريّ.

هؤلاء وأولئك، جميعاً، راحوا يصبُّون جام غضبهم على شخص الطاهر وطَّار أكثر ممَّا كانوا يصبّونه على أدبه وفكره. وذلك لأنَّه، بمواقفه وبما يمثِّله، كان النقيض الحقيقي لكلّ ما يمثِّلونه هم مِنْ قِيَم ومواقف سلبيَّة؛ فهو، مِنْ جهة كان أبرز أديب جزائريّ اختار حتَّى في عهد الاستعمار الفرنسيّ أن يكتب باللغة العربيَّة وينحاز لها، واستمرَّ بانحيازه لها حتَّى آخر أيَّام حياته، متوجِّهاً في جميع كتاباته للجمهور العربيّ في بلاده وفي البلدان العربيَّة الأخرى عموماً. وكان يعارض بشدَّة كلَّ أولئك الذين كانوا يكتبون بالفرنسيَّة وللفرنسيّين؛ إلى حدّ أنَّه علَّق قائلاً، عند وفاة أحد أبرز هؤلاء، بأنَّ رحيله كان خسارة لفرنسا.

وعُرف الطاهر وطَّار طوال تاريخه بالدفاع الصلب والمبدئيّ عن الهويَّة الثقافيَّة العربيَّة للجزائر، وكانت أنظاره دائماً متَّجهة إلى الشرق وليس إلى الغرب. ومع ذلك فقد تُرجم معظم رواياته إلى العديد مِنْ لغات العالم ومِنْ ضمنها اللغة الفرنسيَّة. وممّا يثير الكثير من الاحترام لموقفه هذا، ويؤكِّد عمق مبدئيَّته، هو كونه مِنْ أصول أمازيغيَّة.

أمَّا بالنسبة لمن كانوا ينطلقون في عدائهم له من رغبتهم في الثأر مِنْ ماضيهم، فلا شك أنَّ ثبات هذا الرجل على مبادئه رغم كلّ الانهيارات والانحرافات التي تفشَّت في أوساط المثقَّفين والسياسيّين العرب وسواهم، هو ممَّا كان يغيض هؤلاء ويثير أحقادهم؛ لأنَّه كان يكشف حقيقة تهافتهم وتردِّيهم. وكما يقول جلال الدين الرومي: «إنَّ القمامة هي التي تدع مكانها حين تعصف بها الريح».

ولقد أخذ بعض هؤلاء على الطاهر وطَّار رفضه لإلغاء نتيجة انتخابات 1992، معتبرين أنَّ ذلك مؤشِّر على تغيير مواقفه ومبادئه بالكامل؛ في حين أنَّ هذا الموقف إنَّما يؤكِّد ثباته، وانسجامه مع نفسه، واتِّساقه مع مبادئه كمدافع عن الحريَّة والديمقراطيَّة وحقوق الإنسان؛ منذ بداية مرحلة الاستقلال، وعبر كلّ العهود التي حكمت الجزائر.

 أمَّا موقفه من التطرُّف الدينيّ، فهو واضح في كتاباته، وكان سبَّاقاً فيه ورؤيويّاً، على الأخصّ في رواياته: «الزلزال» و«عُرس بغل» و«اللاز». وما مِنْ أحد قرأ رواية «اللاز»، على سبيل المثال، ويستطيع أن ينسى ذلك المشهد الدمويّ الهمجيّ فيها عندما أقدم بعض الإسلاميّين إبّان الثورة الجزائريَّة على ذبح بعض مَنْ يُفتَرض أنَّهم رفاقهم في الثورة من الماركسيّين، لمجرَّد أنَّهم يختلفون معهم في الفكر. وهو مشهد مؤلم، ومفزع، وكان يُعتَبَر غريباً جدّاً وغير مفهوم، عندما نُشرت الرواية في النصف الأوَّل من سبعينيَّات القرن الماضي. 

وكان التساؤل الملحّ عند قراءتها، آنذاك، يدور حول السبب الذي جعل الثوَّار الإسلاميّين يقتلون الثوَّار الماركسيّين؛ مع أنَّ هؤلاء وأولئك كانوا لا يزالون يواجهون عدوّاً واحداً مشتركاً هو الاستعمار الفرنسيّ. ثمَّ لماذا استخدموا في قتلهم تلك الطريقة البشعة تحديداً؟! ولا يمكن للمرء أن ينسى أيضاً، في هذا المجال، ذلك الحوار «الرفاقيّ» و«الوديّ» الغريب الذي دار بين الفريقين (الذابح والمذبوح) قبل عمليَّة الذبح المقرَّرة.

 ومع ذلك، يؤكِّد الطاهر وطَّار قائلاً: «ليست لي عداوة مع المؤمنين، إسلاميّين أو غير إسلاميّين، قضيَّتي هي الطبقة العاملة، وأعدائي التاريخيُّون هم مستغلّوها وكذا الإمبرياليَّة والاستعمار بكلّ أشكاله».

وأحياناً كانت أساليب التعبير عن الخصومة تنحدر – كما هو متوقَّع مع بعض الخصوم – إلى دركٍ شديد؛ إذ أنَّ بعض هؤلاء ادَّعى أنَّ الطاهر وطَّار نسب إلى نفسه شيئاً مِنْ كتابات الأديبة الجزائريَّة الراحلة زليخة السعوديّ (1943 - 1972)، التي يُقال أنَّه كانت تربطه بها علاقة خاصَّة. وزعموا أنَّ مِنْ بين تلك الأعمال قصَّة «رمَّانة» المنشورة ضمن مجموعة وطَّار «الطعنات».

وهذا في حين أنَّ الدكتور شربيط أحمد شربيط، الذي قام بجمع ونشر «الآثار الأدبيَّة الكاملة للأديبة الجزائريَّة زليخة السعوديّ»، يؤكِّد «أنَّ يد الأديب العربيّ الكبير الطاهر وطَّار لم تمتدّ لنتاجها الأدبيّ والفكريّ، بل إنَّه كان أحد الرموز الفكريَّة والأدبيَّة والإعلاميَّة التي فتحت لها صدرها ومدَّت إليها يدها مِنْ خلال جريدتي "الأحرار" و"الجماهير". فقد كان لها بمثابة المثل الأعلى والمعلِّم والفانوس والقدوة بما أنَّه سبقها إلى الكتابة والنشر والطبع، وله أسلوبه وعالمه الأدبيّ ولغته، مثلما لها أسلوبها وعالمها الأدبيّ ولغتها».

ولم يجد البعض (من الفرنكوفونيّين خصوصاً) مأخذاً على الطاهر وطَّار سوى انحيازه الواضح للغة العربيَّة؛ فراح يتهكّم عليه قائلاً «إنَّه حارس المعبد»! أي حارس اللغة العربيَّة.

وهناك، مِنْ هؤلاء، مَنْ ادَّعى أنَّ الطاهر وطَّار أصبح عقيماً لا يكتب؛ وأنَّه يعوِّض عن ذلك بافتعال المواقف المثيرة (يقصدون هجومه على الفرنكوفونيّين وعلى المفرِّطين والمتواطئين) لكي تبقى الأنظار متَّجهة إليه!

 ومنهم مَنْ اتَّهمه بأنَّ «الغيرة قد قتلته فصار مريضاً بها»!

أمَّا الطاهر وطَّار، نفسه، فلم يقبل أبداً أنْ ينحدر في خصومته مع هؤلاء عن المستوى الذي يليق بمكانته الأدبيَّة والسياسيَّة؛ بل كان يكتفي بأن يدافع عن أفكاره ومبادئه ويفنِّد أفكار خصومه بقدر كبير من الكياسة والموضوعيَّة.

في حين أنَّه، في خصوماته مع المثقفين والمبدعين المحترمين، كان يحدِّد بدقَّة ردوده على هجماتهم المضادَّة له؛ فلا يتجاوز حدود الدفاع المنطقي والمقنع والمحترم عن نفسه، دون الإساءة إلى أشخاص هؤلاء؛ بل مع إبداء قدر ملحوظ  من مظاهر الاحترام لهم ولأفكارهم ونتاجاتهم.

 لقد كان يميِّز بين الخصوم بحسب مقدار احترامهم هم لأنفسهم. وحتَّى في موقفه من الفرنكوفونيّين، فإنَّه كان يميِّز بين من يكتبون منهم باللغة الفرنسيَّة كوسيلة فقط لإيصال أفكارهم وإبداعاتهم، وبين مَنْ يكتبون بها وفي ذهنهم مخاطبة القارئ الفرنسيّ بدلاً من القارئ الجزائريّ والعربيّ.

وعلى صعيد الموقف السياسيّ العامّ، فقد ظلّ الطاهر وطَّار حتَّى آخر حياته يحتفظ ببصره وبصيرته؛ فكان يحدِّد بدقَّة مَنْ هم الأعداء، موضوعيّا،ً وفي الواقع الفعليّ، ومَنْ هم الحلفاء في الواقع، أو المحتملين موضوعيّاً. يقول: «المناضلون الواعون المدركون لطبيعة المرحلة ينبغي أن لا يتَّخذوا نفس الموقف الذي يتَّخذه الإمبرياليُّون والاستعماريُّون وعملاؤهم.

أعتقد أنَّ التكامل النضالي ممكن ولو بطريقة غير مباشرة، وستجد القوى المعادية للإمبرياليَّة والاستعمار والفاشيَّة، نفسها ليس وجهاً لوجه، كما هو الشأن الآن، بل جنباً لجنب، في معركة يفرضها الآخر، ويشكو مِنْ عدم استسلامنا».

نبذه عن الطاهر وطَّار:
  •  وُلد عام 1936 لأسرة أمازيغيَّة من الريف الجزائريّ.
  •  درس في جمعيَّة العلماء، ثمَّ أرسله أبوه إلى قسنطينة ليدرس في معهد الإمام عبد الحميد بن باديس، وهناك، بالإضافة إلى دراسته الفقه وعلوم الشريعة، تعرَّف على الأدب، فقرأ في سنةٍ واحدة أعمال جبران خليل جبران، وميخائيل نعيمة، وزكي مبارك، وطه حسين، والرافعي، وألف ليلة وليلة، وكليلة ودمنة.
  • تعلَّم صناعة السينما في مطلع الخمسينيَّات.
  • ذهب إلى تونس وهناك درس، بعض الوقت، في جامع الزيتونة.
  • عام 1956 انضمَّ إلى جبهة التحرير الوطني الجزائريَّة.
  • بدأ ينشر قصصه في أواسط الخمسينيَّات في جريدة «الصباح»، وجريدة «العمل»، وفي أسبوعيَّة «لواء البرلمان التونسيّ»، وأسبوعيَّة «النداء» التي شارك في تأسيسها، ومجلَّة «الفكر» التونسيَّة. وفي غضون ذلك أصبح ماركسيّاً بالخفية عن قيادة «جبهة التحرير الوطنيّ الجزائريَّة».
  • عام 1962 أسَّس أسبوعيَّة «الأحرار»، أوَّل أسبوعيَّة في الجزائر بعد الاستقلال، في مدينة قسنطينة، فأوقفتها السلطات. وعام 1963 أسَّس أسبوعيَّة «الجماهير» في العاصمة، فأوقفتها السلطات أيضاً.
  • مِنْ عام 1963 إلى عام 1984 عمل في جبهة التحرير الوطني الجزائريَّة عضواً في اللجنة الوطنيَّة للإعلام، ثمَّ مراقباً وطنيّاً.
  • عام 1973 أسَّس أسبوعيَّة الشعب الثقافي التابعة ليوميَّة الشعب، وحاول أن يجعلها منبراً للمثقَّفين اليساريّين؛ فأوقفتها السلطات عام 1974.
  • عام 1990 أسَّس مجلَّتي «التبيين» و«القصيدة».
  • عمل مديراً للإذاعة الجزائريَّة عامي 1991 و1992.
  • أسَّس، ورئس، الجمعيَّة الثقافيَّة الجاحظيَّة منذ العام 1989، وحتَّى وفاته.
  • توفِّي في 12 آب/أغسطس 2010.

مؤلَّفاته:
ثلاث مجموعات قصصيَّة: «دخان مِنْ قلبي» - 1961؛ و«الطعنات» - 1971؛ و«الشهداء يعودون هذا الأسبوع» - 1974.

ومسرحيَّتان: «على الضفَّة الأخرى»؛ و«الهارب».

وتسع روايات: «رمانة» - 1971؛ و«اللاز» - 1972؛ و«الزلزال» - 1974؛ و«الحوات والقصر» - 1974؛ و«عرس بغل»؛ و«العشق والموت في الزمن الحراشي» - 1982؛ و«تجربة في العشق» - 1989؛ و«الشمعة والدهاليز» - 1995؛ و«الوليّ الطاهر يعود إلى مقامه الزكيّ» - 1999.

وقد تُرجمت أعماله إلى: الفرنسيَّة والإنجليزيَّة والألمانيَّة والروسيَّة والبلغاريَّة واليونانيَّة والبرتغاليَّة والفيتناميَّة والأوكرانيَّة وسواها.

وبعد، فقد سجَّل الطاهر وطَّار في كتاباته كلَّ مراحل تاريخ الشعب الجزائريّ الحديث؛ ابتداء مِنْ الثورة وانتهاءً بالمراحل المختلفة للاستقلال. وتقصَّى الأبعاد العميقة لكلّ مرحلة، ومكوِّناتها، وعناصرها، وتجليات قانون الصراع فيها، واصطفافات القوى والطبقات، والآفاق التي من المنتظر أن تفضي إليها في الأمد البعيد أو القريب. 

وقد أكَّد الزمان بصورة عجيبة صدقيَّة تنبؤات أدب الطاهر وطَّار التي كانت تبدو قبل تحقُّقها ضرباً من المبالغة والخيال. ومثال ذلك ما تنبَّأت به، مبكِّراً، رواية «الزلزال» وهو ما تحقَّق بالفعل، مع الأسف، في الظروف الصعبة التي دخلتها الجزائر خلال عقدين منذ أوائل التسعينيَّات، وما يعيشه العديد مِنْ دول المنطقة الآن.

أمَّا رواية «اللاز»، وتكاد تكون أشهر رواياته، فقد صوَّر مِنْ خلالها، بدقَّة وعمق، كفاح الشعب الجزائريّ ضدَّ الاستعمار، وخلص مِنْ ذلك بدروس مهمَّة يمكن أن يستفيد بها المكافحون في كلّ مكان ومِنْ كلّ الشعوب؛ ولا أزال أذكر قول أحد شخوص الرواية بأنَّ الثوريّ الحقيقيّ ينكش الجبل بالإبرة! 

ولكنَّها أيضاً أبرزت بالمقابل الجانب الآخر السلبيّ والمؤلم في هذه التجربة الإنسانيَّة العظيمة، وكشفت، بصورة مبكِّرة جدّا،ً بذور الثورة المضادَّة. ومع ذلك فالرواية تؤكِّد، بمجملها، وعلى لسان أحد شخوصها أيضا،ً أنَّه: «لا يبقى في الوادي غير حِجارِهِ».
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

إعلان أسفل المقال