جاري تحميل ... مدونة سعود قبيلات

إعلان الرئيسية

«إنَّ بعض الأماكن الضَّيِّقة المحكمة الإغلاق قد يكون فضاؤه بلا حدود، وبعض الأماكن المفتوحة والفسيحة قد يكون بالغ الضِّيق وبلا فضاء ولا آفاق، وبعض الأماكن الخالية قد يكون أكثر ازدحاماً من الأماكن المكتظَّة. وإنَّ الصَّمت قد يكون أكثر صخباً من الضَّجيج، والضَّجيج قد يكون خالياً من الأصوات. وإنَّ القامة قد تكون متطاولة إلى حدّ أنَّها بالكاد تبلغ نعل حذاء، وقد تكون عالية إلى حدّ أنَّها تطاول رؤوس السنابل». مِنْ كتابي الموسوم «كهفي» - سعود قبيلات.

إعلان في أعلي التدوينة


كان لباس جوزيف ستالين زاهداً ومقتضباً، وفي الوقت نفسه، كان يعكس ثقة لا حدود لها بقوته وقوة امبراطوريَّته. بسترة شبه عسكرية مع حذاء من الجلد الطري الذي يرتديه رجال القوقاز تقليدياً، ومن ثم زي القائد العام
- هكذا تطورت صورة أفضل زعيم سوفييت.

تجاوز التناقضات

كانت صورة فلاديمير لينين، قائد الثورة البلشفية، ملفتة للنظر ومتناقضة. فقد كانت تجمع بين طوله المتواضع، والبقعة الصلعاء في رأسه، وصعوبة الكلام (فلم يكن لينين يستطيع نطق حرف الراء
بشكل صحيح)، وقبعته المسطحة، ومشيه السريع ومشاعره الجياشة
.
معظم نُصب لينين التذكارية، التي كانت تنتشر حتى وقت قريب في الساحات المركزية لجميع المدن والبلدات في أنحاء البلاد، تصوّره وهو في حالة حركة، مع قبعته المفضلة المسطحة، إما على رأسه أو ممسكاً بها بيده.
أصبحت البزات العسكرية شائعة في روسيا خلال الحرب العالمية الأولى، عندما لم يُفرض أي زي صارم، وبدأ الضباط بتقليد ما يرتديه الضباط الفرنسيين والبريطانيين. وكان الجيش البريطاني يرتدي نوعين من السترات: واحدة أكثر رسمية، للضباط، حيث كانوا يرتدونها مع قميص وربطة عنق؛ وأخرى أكثر مرونة وراحة، للجنود، ومن دون ربطة عنق. وهذه الأخيرة نالت شعبية خاصة عند كبار ضباط الجيش الأحمر.

أما صورة ستالين فكانت على العكس تماماً. فبعد فوضى الحرب الأهلية، احتاجت البلاد إلى الاستقرار وإلى قائد يبسط النفوذ والثقة والقوة غير القابلة للكسر. وكانت أصول ستالين التي تعود إلى جنوبي القوقاز وطريقته المتأنية هي المطلوب تماماً. وفيما يلي اقتباس مما كتبه نيقولاي بايباكوف، أول وزير نفط سوفييتي في حكومة ستالين:" دخلتُ ومن ثم توقفت؛ لقد كان ستالين هناك، القائد الأعلى، واقفاً وظهره باتجاهي.
وصلتُ إليه، لم أجرؤ على السعال، نظرتُ إليه لأرى كيف كان يبدو: لقد كان يرتدي سترة رمادية وحذاء مصنوعاً من الجلد الطري، إنه لباس متواضع جدّاً بالنسبة لرئيس دولة...."
 

جنود الثورة وأولاد الحرب الأهلية

منذ سنوات الثورة وحتى منتصف الحرب العالمية الثانية، كان اللباس المفضل لستالين يتألف من السترة العسكرية المصنوعة من أفضل أنواع القماش وسروال كان يضع نهايته السفلية في حذاء قوقازي من الجلد الطري. وعند خروجه، كان يرتدي معطف الجنود العادي، لسنوات، حتى أصبحت هذه الملابس بالية.
يتذكر أرتيوم سيرغييف، ابن الصديق الأقرب لستالين، في لقاء مع إيكاترينا غلوشيك "محادثات مع ستالين"، والتي نُشرت في صحيفة زافترا عام 2006:" في أحد الأيام عاد ستالين إلى المنزل، ورأى معطفاً جديداً معلقاً. فسأل‘أين معطفي القديم؟‘ وعندما أُخبر بأنه تم إبعاده، تملكّه الغضب وصاح:‘ من المال العام يستطيع المرء الحصول على معطف جديد كل أسبوع. لقد كان بإمكاني ارتداء معطفي القديم لهذا العام على الأقل. وكان بإمكانكم سؤالي إذا كنت أحتاج معطفاً جديداً‘. لقد كان منفعلاً بشدة".
كان هناك اتفاق ضمني بين أعضاء الحزب الشيوعي على التمسك بالنمط نفسه من اللباس، الذي يعتمد على سترة عسكرية أو بلوزة جندي. وكان موظفو الحزب يطلقون على أنفسهم اسم "جنود الثورة" في ذلك الوقت، مفضلين الملابس نصف العسكرية، ليس لأسباب أيديولوجية فقط.


الأميرة السوفييتية والراجا الهندي: لمَن كان يخفق قلب ابنة ستالين؟

فمعظمهم، وقبل أن ينتقلوا إلى المكاتب الحكومية، كانوا قد أمضوا الوقت وهم يقاتلون في الحرب العالمية الأولى، ومن ثم شاركوا في الثورة، ليصبحوا قادة في الجيش الأحمر خلال الحرب الأهلية. لذلك كانوا يشعرون براحة أكبر بارتدائهم بلوزات الجنود أكثر من ارتدائهم الثياب المدنية.
ومنذ العام 1938، كانت سترات زعماء البلاد، بما في ذلك سترات لينين، تُصنع في متجر خياطة مركزي لتصميم أزياء جديدة لجنرالات الجيش الأحمر، والذي لا يزال موجوداً كشركة مساهمة تحت اسم متجر الخياطة التجريبي المركزي. 

ولادة الأسلوب الإمبراطوري



في المنزل، كان ستالين يفضل الملابس البسيطة. ويتذكر أرتيوم سيرغييف: " في المنزل، كان يرتدي سروالاً قماشياً وسترة من الكتان، والتي كان ينزعها أحياناً ليبقى بالقميص القطني، الذي يبدو وكأنه قميص جندي. لم أره أبداً وهو يرتدي بدلة مدنية. وفي أيام العطل، كان يرتدي بزة من الكتان، مغلقاً أزرار سترتها كلها، وأحياناً لم يكن يغلق كل الأزرار، فيبدو تحتها قميص أبيض
".
وبالنسبة لغطاء الرأس، كان ستالين يفضل قبعة ذات قمة مستوية. كل قبعة من قبعاته كانت تُصنع يدوياً عندما تصبح سابقتها بالية. وفي حال وجد ستالين خطأ ما في قبعته الجديدة، كان ببساطة يعود لارتداء القبعة القديمة.


بعد أن حاز ستالين لقبي مارشال وجنرال الاتحاد السوفييتي، لم توافق تصاميم أعداد كبيرة من المصممين محبي الفخامة الذوق المتواضع للزعيم السوفييتي.
حيث رفض نسخة أصيلة من زي زمردي اللون، مطرز ببذخ بخيوط ذهبية، على هيئة بزات الضباط الروس في بداية القرن التاسع عشر، وأرسلها إلى المتحف، ولا تزال موجودة هناك إلى يومنا هذا.
وبدلاً منها، صُنعت سترة رمادية فاتحة، مع قبة قميص، وأربعة جيوب كلاسيكية وأكتاف مارشال. أما السروال فكان عليه شرائط، وكان الزي بالمجمل يبدو رائعاً. وبهذه الطريقة وُلد الأسلوب الإمبراطوري: فقد كان يرى هذا الزي محافظاً وفاتناً، وفي الوقت نفسه متقشفاً وعظيماً.
 
 إينا فيدوروفا - «روسيا ما وراء العناوين»
2014/8/28
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

إعلان أسفل المقال